للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأبي عبد الله الميورقي الذي صحبه في رحلته الثانية واخذ عنه تواليفه (١) . وليس لدنيا من مؤلفات عبد الحق ما يجلي لنا أثره الصحيح في الفقه، ولعله كان متشددا في أحكامه وفتاواه والمثال الوحيد الذي نملكه على ذلك إفتاؤه بعدم جواز الصلاة خلف من يظهر في قراءته النون الخفيفة او التنوين عند الياء والواو وعد هذا من اللحن، قياساً على من يتكلم في الصلاة متعمداً (٢) .

أما الثالث المشهورين وهو عتيق السمنطاري فقد انصرف إلى تدريس الحديث وتلقى ثقافته على الفرضى والحصائري بصقلية، وسكن بلرم، أي أنه هجر قريته سمنطار ولزم حلقات الدرس في المدينة. وكانت له رحلة زار فيها الحجاز فحج وساح في البلدان من أرض اليمن والشام إلى أرض فارس وخرسان، ولقي بها من العباد وأصحاب الحديث والزهاد فكتب عنهم جميع ما سمع وصنف كل ما جمع (٣) ، وكان للسمنطاري نشاط واسع في التصوف - سنتحدث عنه في حينه؟ كما أنه ألف في الفقه تآليف وصفت بأنها في غاية الترتيب والبيان (٤) . وقام السمنطاري على الموطأ وإفراغ له كثيرا من جهده كما دأب عبد الحق على المدونة. وظل عتيق يدرس الحديث في صقلية حتى سقطت في يد النورمان. ويحدثنا أحد تلامذته انه رآه ببلرم ووصفه بأنه كان مستجاب الدعوة فعندما قوى دوقه (٥) الإفرنجي على الجزيرة وأهلها قال: اللهم انك قضيت على المسلمين بما قضيت فان تمت ولايته فسخره لهم. فلما ملكها صار عليهم أحن من الوالد على الولد (٦) . وفي سنة ٤٦٤هـ؟ توفي السمنطاري، وهاجر بعض تلامذته من صقلية ووصل مصر منهم ابن الحذاء القيسي الصقلي وعبد الكريم


(١) ابن الأبار رقم ٤٤٣.
(٢) ابن مكي الصقلي: تثقيف اللسان (الباب٣٥) .
(٣) معجم البلدان لياقوت مادة (سمنطار) والمكتبة الصقلية: ١١٣.
(٤) المصدر السابق.
(٥) في الأصل ذوقه: وهو رجار الأول وظاهر من النص أنه استعمل اللقب ظناً منه انه الاسم.
(٦) السلفي الورقة ٢٨٦.

<<  <   >  >>