للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طعامهم أجود الطّعام، وسعرهم أرخص الأسعار، وتمرهم أكثر التّمور، وريع دبسهم أكثر، وعلى طول الزّمان أصبر، يبقى تمرهم الشّهريز عشرين سنة، ثم بعد ذلك يخلط بغيره فيجيء له الدّبس الكثير، والعذب الحلو، والخاثر القويّ.

ومن يطمع من جميع أهل النّخل أن يبيع فسيلة بسبعين دينارا، أو بحونة بمائة دينار، أو جريبا بألف دينار غير أهل البصرة؟

فصل منه: ولأهل البصرة المدّ والجزر على حساب منازل القمر لا يغادران من ذلك شيئا. يأتيهم الماء حتّى يقف على أبوابهم؛ فإن شاءوا أذنوا، وإن شاءوا حجبوه.

ومن العجب لقوم يعيبون البصرة لقرب البحر والبطيحة ولو اجتهد أعلم النّاس وأنطق النّاس أن يجمع في كتاب واحد منافع هذه البطيحة، وهذه الأجمة، لما قدر عليها.

قال زياد: قصبة خير من نخلة.

وبحقّ أقول: لقد جهدت جهدي أن أجمع منافع القصب ومرافقه وأجناسه، وجميع تصرّفه وما يجيء منه، فما قدرت عليه حتّى قطعته رانا معترف بالعجز، مستسلم له.

فأمّا بحرنا هذا فقد طمّ على كلّ بحر وأوفى عليه، لأنّ كلّ بحر في الأرض لم يجعل الله فيه من الخيرات شيئا. إلّا بحرنا هذا. الموصول ببحر الهند إلى ما لا تذكر.

وأنت تسمع بملوحة ماء البحر، وتستسقطه وتزري عليه. والبحر هو الذي يخلق الله تعالى منه الدّرّ الذي بيعت الواحدة منه بخمسين ألف دينار، ويخلق في جوفه العنبر، وقد تعرفون قدر العنبر. فشيء يولّد هذين الجوهرين كيف يحقّر؟.

<<  <   >  >>