للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١١- بعض اخبار الكتاب]

ومن كتاب الجند: محمود بن عبد الكريم، كان حميد بن عبد الحميد عند دخول المأمون مدينة السلام وبعد سكون الهيج وخمود النّائرة، رفع إلى المأمون يذكر أن في الجند دغلا كثيرا ممن دخل فيهم بسبب تلك الحروب في أيام الأجناد-[وهم] قوم من غير أهل خراسان ممّن تشبّه بهم وادّعى إليهم من الأعراب والدّعّار، وممن لا يستحقّ الدّيوان، وقوم من أهل خراسان صارت لهم الخواصّ السّنيّة، [و] لم يكن لهم من الغناء ما يستحقّون به مثلها- وذكر أنّ بيت المال لا يحتمل ذلك، وسأل المأمون أن يولّيه تصنيف الجند. ولم يكن مذهب حميد في ذلك التوفير على المأمون، ولا الشفقة على بيت مال المسلمين، ولكنه تعصّب على أبناء أهل خراسان، واضطغن عليهم محاربتهم إياه أيّام الحسن بن سهل مع ولد محمد بن أبي خالد وغيرهم، وما كانوا قد انتحوه به من تلك الوقائع والهزائم، وما ذهب له من الأموال بذلك السّبب.

فولّاه المأمون التصنيف، وأمر للجند برزق شهرين، فولّى حميد العطاء والتصنيف محمود بن عبد الكريم الكاتب، وعرف محمود ما غزا حميد، فتحامل على الناس واستعمل فيهم الأحقاد والدّمن، فخفض الأرزاق، وأسقط الخواصّ، وبعث في الكور وأنحى على أهل الشّرف والبيوتات، حسدا لهم وإشفاء لغليل صاحبه منهم، فقصد لهم بالمكروه والتعنّت، فامتنعت طائفة من الناس من التقدّم إلى العطاء وتركوا أسماءهم، وطائفة انتدبوا مع طاهر بن الحسين بخراسان، فسقط بذلك السبب بشر كثير.

ثم إنّ المأمون أمر للناس بتمام عطاياهم؛ واكتسب محمود بن عبد الكريم المذمّة، وصار ملعنة في محال بغداد وفي مجالسها وطرقها.

<<  <   >  >>