للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجيب إليه [.......] ولم يكن عرف من سرّ أصحابه مثل الذي عرفه عليّ فرأى أنه قد ربح وأنّ عليّا قد خسر؛ فما ينقضي تعجّبي من رضى معاوية بتلك الهدنة والمدّة مع ما قد كان ظهر من اختلاف أصحاب عليّ، وأرى الناس يتعجبون من رضى عليّ بها مع اختلاف أصحابه؛.

[١٦- معاوية ليس ادهى من علي ولكنه كان يستعمل جميع المكايد حلالها وحرامها بينما لم يستعمل علي الا ما وافق الكتاب والسنة]

اللهم إلا أن لا يكون عصى عليّ عندهم إلا في تحكيم الرجال دون تأخير القتال؛ فان كان ذلك كذلك فما قولهم وإكثارهم: «عصينا أمس حين قطعنا القتال وعصى عليّ حين رجعنا ندعوه إلى القتال [-] رأى؛ فقد ينبغي لنا الآن أن نقصد إلى الجواب في لفظ التحكيم: أيجوز أم لا يجوز، فندع ما سوى ذلك من الأمور؛ وإذا لم يبق إلا ذلك فقد سقط ثلاثة أرباع الخلاف، وليس على ذلك بنى القوم أمرهم وجرت عليه عادتهم؛ وربّما رأيت بعض من يظنّ أنه من الخاصة ويزعم ان معاوية كان أبعد غورا وأصحّ فكرا وأجود رويّة وأبعد غاية وأدقّ مسلكا، وليس الأمر كذلك، وسأومىء إليك بجملة تعرف بها موضع غلطه والمكان الذي دخل عليه الخطأ من قبله، فافهم ذلك.

كان عليّ لا يستعمل في حربه إلا ما عدّله ووافق فيه الكتاب والسنّة، وكان معاوية يستعمل خلاف الكتاب والسنّة ويستعمل جميع المكايد وجميع الخدع حلالها وحرامها، ويسير في الحرب سيرة ملك الهند إذا لاقى كسرى، وخاقان إذا لاقى زنبيل وفنغور إذا لاقى المهراج؛ وعليّ يقول: «لا تبدؤوهم بقتل حتى يبدؤوكم، ولا تتبعوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تفتحوا بابا مغلقا» ؛ فهذه سيرته في ذي الكلاع وأبي الأعور السّلمي وعمرو بن العاص وحبيب بن مسلمة وجميع الرؤساء، كسيرته في الحاشية والحشو والاتباع والسفلة؛ وأصحاب الحروب ان قدروا على البيات بيّتوا، وأن قدروا على رضخ الجميع بالجندل وهم

<<  <   >  >>