للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقضاة والنوابت ومن زعم أنّ جميع أهل الكلام [.........] وأنّ الكفّ عن ذلك هو السنّة والجماعة.

فلو أنّ عليّا قال يوم ذلك: كذبوا، لم يكن ذلك تدبيرا، وقد ذكرنا ذلك وفسّرناه، ولو قال: صدقوا، لخلعه جميع من يرى الوقوف وجميع من يرى تبرئته ونفى تلك الدعوى عنه؛ ولو كان على سبيل من قتله لما كان عليه في ذلك اليوم الإقرار بقتله، إذ كان الاقرار فيه ليس بفرض واجب، ولا كان مأخوذا به، وفيه إفساد قلوب العامّة وبعض الخاصّة، وما كان إلّا كرجل قال إنّ السماء خضراء، فقد صدق، وليس عليه أن يقول في كل حين إنّ هذه سماء ولا إنّها خضراء، ولكن عليه، إن أثر أن يخبر، أن لا ينكر أنّها خضراء.

فكذلك كانت حال علي بن أبي طالب إن كان على سبيل من قتله وان لا يرى أنّ محلّه في تلك الحال المحلّ الذي لا يكون أضيق منه، إذ كان لا يمكنه في وجه التدبير أن يقول: صدقوا، ولا أن يقول: كذبوا، فهل ترى التدبير إلا ما صنع عليّ؟ ولذلك زعم بعض من يفضّل عليه أبا بكر وعمر أن ذلك الفضل لهما الى أن امتحن عليّ بما لم يبلغه امتحانهما، فصار أفضل منهما؛ ولولا أنّ الله قد علم أنّ إرادته في نفسه كانت أتمّ وعلمه أوسع وعزمه أقوى، لما اختبره بذلك ولا امتحنه إلا بمثل ما امتحن به الائمة قبله.

ولو كانت هذه الرسالة تحتمل [تخريج] القول في الحكمين والاحتجاج في جميع أبوابه لاستقصيت ذلك، ولكني سأومىء إليك- إن شاء الله- بجملة يكتفي بها من كان في دون حالك بعد أن يستصحب الإنصاف ويتحفّظ من الهوى ويتحذّ [ر من] السابق الى القلوب وهي فارغة.

[١٣- اسباب ترك علي القتال]

قد تبيّن للناس كلهم اختلاف أصحاب عليّ بعد رفع المصاحف وإخلادهم الى المقام بعد أن رجعوا إلى أوطانهم، وكيف ملّوا الحرب وسئموا طول مقارعة

<<  <   >  >>