للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تزعموا أنّ سلامة معاوية وعمرو إنما كانت بحزم كان منهما، وان قتل عليّ إنما كان من تضييع كان منه، إذ قد تبيّن لكم من الابتلاء والامتحان في نفسه خلاف الذي قد شاهدتموه في عدوّه وكلّ شيء سوى ذلك فانما هو تبع للنفس، فهذا باب:

[١٧- كفر معاوية في ادعاء أخوة زياد بن أبيه]

والباب الآخر الذي عتبت عليك فيه، وهو زعمك ان معاوية قد ضلّ من وجوه وكفر من وجوه، فأخطأت في إكفاره ولم تصب الحقّ في تفسير بعض الوجوه؛ زعمت أنه كفر في حكمه بادّعاء زياد بن أبي سفيان وأن من جعل الولد للعاهر وجعل الحجر للفراش ومن ردّ الحكم المنصوص وبدّل هذا القول المفسّر فقد كفر؛ وهذا منك سرف وبعد، وهو شبيه بمذهب أصحاب التكلّف والتزّيد ومن يريد [ب] العفن الذي في نفسه والذلّة التي يجدها في قلبه والريبة التي تشتمل عليها أضلاعه أن يذلّ من حضره ويوهم من سمع كلامه، أنّه إنما يكفر من أكفر من فرط في تعظيمه لحرمات الله ومن شدّة غضبه على من عصى الله؛ وعهدي بك تشنع بذلك على العمريّة والرافضة وعلى الخوارج والبكريّة.

ولو كان معاوية صنع ما تقول على ما فسّرت ورد المنصوص على ما ذكرت، لكان جلّة السابقين وكبراء والتابعين وفقهاء المحدّثين قد سبقوك إلى إكفاره وتشريكه، بل كان أعداؤه وأهل الخلاف عليه قد أكفروه وسبقوا إلى ذلك فيه، فان زعمت أنه قد كان عند غالية الشيّع وعند جميع الخوارج كافرا، قلنا:

لعمري، لو كانوا لا يكفرونه على خصال كثيرة ولا ترى أنت وأصحابك أنه قد كفر من أجلها، ثم اكفروه على هذه الخصلة، لكان في ذلك متعلّق لهم ومصاب ومجال ومسبح؛ ولكن الفريقين جميعا يكفرانه على جميع خصاله التي أنت لا ترى بعضها إثما، فضلا عن أن تكون [عندك] فسقا، ولا تراها فسقا، فضلا عن ان تكون عندك كفرا.

<<  <   >  >>