للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحببنا أن لا نحتج عليكم إلا بالموجود في القرآن الحكيم والمشهور في الشعر القديم الظاهر على ألسنة الخاصة والعامة ورواة الأخبار وحمال الآثار.

[٥- ايلاف قريش]

قال: ومما هو مذكور في القرآن- عدا حديث الفيل- قوله تعالى:

لِإِيلافِ قُرَيْشٍ

ولقد أجمعت الرواة على أن أول من أخذ الايلاف لقريش هاشم بن عبد مناف. فلما مات قام أخوه المطلب مقامه، فلما مات قام عبد شمس مقامه، فلما مات قام نوفل مقامه- وكان أصغرهم- والايلاف هو أن هاشما كان رجلا كثير السفر والتجارة فكان يسافر في الشتاء إلى اليمن وفي الصيف إلى الشام، وشرك في تجارته رؤساء القبائل من العرب ومن ملوك اليمن نحو العباهلة باليمن واليكسوم من بلاد الحبشة ونحو ملوك الروم بالشام، فجعل لهم معه ربحا فيما يربح وساق لهم إبلا مع إبله فكفاهم مؤنة الأسفار على أن يكفوه مؤنة الأعداء في طريقه ومنصرفه، فكان في ذلك صلاح عام للفريقين، وكان المقيم رابحا والمسافر محفوظا. فأخصبت قريش بذلك وحملت معه أموالها وأتاها الخير من البلاد السافلة والعالية وحسنت حالها وطاب عيشها. قال: وقد ذكر حديث الايلاف الحارث بن الحنش السلمي وهو خال هاشم والمطلب وعبد شمس فقال:-

إنّ أخي هاشما ليس أخا واحد ... الآخذ الإيلاف والقائم للقاعد

قال أبو عثمان) وقيل إن تفسير قوله تعالى: وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ

هو خوف من كان هؤلاء الاخوة يمرون به من القبائل والأعداء وهم مغتربون ومعهم الأموال وهذا هو ما فسرنا به الإيلاف آنفا، وقد فسره قوم بغير ذلك قالوا: إن هاشما جعل على رؤساء القبائل ضرائب يؤدونها إليه ليحمي بها أهل مكة، فان ذؤبان العرب وصعاليك الأحياء وأصحاب الغارات وطلاب الطوائل كانوا لا

<<  <   >  >>