للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القليل-؛ وفي هذه القضيّة كلام ركيك ضعيف خفيف سخيف، وفيها ما يضارع العجمة ويناسب الضعة؛ وممّا يبهمه أيضا اختلاف الخوارج والشيعة وما بين أهل الشام واهل العراق من الزوائد والنقصان فيه مع ضعف أسانيده وحال رواته عند رواة الآثار وحمّال الأخبار وعند ناقلي الحلال والحرام، ولأنّ أبعد غاياتهم فيه الزّهريّ وأمتن ما يعتمدون عليه ابن اسحق وهذان لم يدركاه ولا شاهداه؛ فكلّ من روى ذلك عنهما فليس بالمحمود ولا المثبت المقبول؛ وليس العلم به وبصحّته كالخبر الذي ليست للخاصّة فيه فضيلة على العامّة وإنّما هو خبر يدرك عند من يطلب مثله؛ فإذا لم يجده في معدن الصحّة وفي جوهر الصدق ومصاب السلامة والبراءة من التهمة فكان معرضا لأصحاب الأهواء أو لمن له في النقصان منه والزيادة فيه وفي تحريفه وتبديله أقوى العلل؛ لم يكن لك ان تقضي به على عليّ بن أبي طالب في سابقته وشدّة ورعه واتسّاع معرفته وصحّة غريزته وثبات حجّته فكنت خليقا أن تردّ حكم ذلك إلى الأصل الذي به عرفت فضيلته ونقصان غيره عن درجته.

وعلى أنّ عامّة الشهود المذكورين فيه مشكوك في نسبهم، مختلف في أسمائهم، ثم لا تجدهم إلّا أقلّ القليل من وجوههم وذوي العدالة والأقدار منهم، حتى كان واصفه حيث وصفه وصفه [وصف] من له الخيار عليه: إن شاء أثبته وإن شاء أنكره؛ ونحن لا نشكّ أنّ عليّا إنّما أعطى القوم لفظا ليحكم واستحلّ ذلك التوهّم لما رجا في تلك المهلة والهدنة من رجوع بصائرهم إليهم ومن اجتماعهم بعد فرقتهم؛ وفي هذا الكتاب أنّ أجل القضيّة سلخ شهر رمضان، وهذا كلام ظاهره ينقض ظاهر التدبير الذي لا وجه للتحكيم غيره ولا عذر فيه سواه وليس نقضه له بما يعرف [بالاستنباط] وبعد التفكير فيدّعى فيه الغلط، بل هو ظاهر فيهما قائم بهما.

وقد قسمنا أقسام التدبير الذي لا يجوز على غيره وعددنا أبواب ذلك وسألنا المخالفين لنا أن يزيدوا فيها وينقصوا منها، فلم نجد ذلك بعد التفكير منها ومنهم وبعد أن مرّت عليه الدهور وبردت عليه الحقود؛ فكيف يجوز لنا أن نظن أنّ

<<  <   >  >>