للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تذاكرا شيئا من ذلك في خلاء ولا ملاء ولا التمسا تأويلا ولا خرّجا تفسيرا؛ ولا سمعنا في ذلك إلّا ما كان منهما عند المراوضة انّ الناس لا يكتبون بعد تفريقهم إلّا على رجل لم يخض في الدماء وليس لأحد قبله بيعة ولا وتر؛ فهذا خلاف الشريطة والذي وقعت فيه القضية وإنّما جعل إليهما سطرا في كتاب الله والسنّة على أيّهم أدلّ فقط، فتركا ذلك البتّة.

ثمّ ابتدءا بابا آخر لم يجر لهما ذكره ولا وقع عليه شرط؛ فلو ان أبا موسى قال: «قد صرفتها إلى ابن عمر» ، وقال عمرو: «قد صرفتها الى ابني عبد الله إبن عمرو ما كان إلّا كقول ابي موسى، وهذا عند جميع من شهد القضية خلاف ما وقع عليه شرط القضية، وهما- حفظك الله- لم يحكما على ان لهما ان نحرجاها إلى من أحبّا وإنّما جعل إليهما في ظاهر الكتاب أن يجتمعا على أحد الرجلين اللذين حكّماهما، فأمّا ان يقول له عمرو وهو يعرف رأيه في عمر وميله إلى ابن عمر: «ما لهذا الأمر خير من رجل لم يخض في الفتنة، له صحبة ولم يتلطّخ بالدماء وليست قبله تباعة ولا ضغينة، فيكون مرضيّا ابن مرضيّ» ثمّ توهّمه ذلك ليسكن إليه ويظهر أن الرأي في وضع شورى بين من كان هذا شكله وهذا صفته، وهذا خروج من حدّ القضية، وقد صارا حينئذ يختاران للأمّة، فلا يثبت ذلك الحكم منهما إلّا أن يكونا عن توكيل منهما لهما، أو يكون لأنّ مكانهما من الإسلام أن يضعا الإمامة حيث أحبّا؛ وإذا كانا كذلك فهما أحق بالإمامة ممّن يريان إقامته وتقويمه، فلا الأمّة وكّلتهما ولا مكانهما هذا المكان والحمد لله.

ووجه آخر تستدلّ به على صواب ما قلنا وتعرف به صحّة ما فسّرنا: كأن قائلا قال: كان عليّ قد كان علم انّ عمرا وأبا موسى يوم القضيّة وفي تلك الحال لم يكونا عند أهل العراق وأهل الحجاز عدلين مرضيين، وإذا لم يكونا مرضيين لم يكونا شاهدين، وإذا كانا بعيدين من جواز الشهادة كانا من جواز الحكم أبعد؛ فأظهر عليّ قولا يتوهّم المتوهّم معه أنه قد رضي بحكم عمرو وقد علم انّ في قلوب اصحابه منه ومن سقوط عدالته ما فيها، وعلم انّ عمرا وأبا موسى [إن]

<<  <   >  >>