للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[والزنجيّ] مع حسن الخلق وقلّة الأذى، لا تراه أبدا إلّا طيّب النفس، ضحوك السّنّ، حسن الظّن. وهذا هو الشرف.

وقد قال ناس: إنّهم صاروا أسخياء لضعف عقولهم، ولقصر رويّاتهم، ولجهلهم بالعواقب.

فقلنا لهم: بئس ما أثنيتم على السّخاء والأثرة، وينبغي في هذا القياس أن يكون أوفر النّاس عقلا وأكثر النّاس علما أبخل النّاس بخلا وأقلّهم خيرا.

وقد رأينا الصّقالبة أبخل من الرّوم، والرّوم أبعد رويّة وأشدّ عقولا وعلى قياس قولكم أن قد كان ينبغي أن تكون الصّقالبة أسخى أنفسا وأسمح أكفّا منهم.

وقد رأينا النّساء أضعف من الرّجال عقولا، والصّبيان أضعف عقولا منهم، وهم أبخل من النّساء، والنّساء أضعف عقولا من الرجال. ولو كان العقل كلّما كان أشدّ كان صاحبه أبخل، كان ينبغي أن يكون الصبيّ أكرم الناس خصالا. ولا نعلم في الأرض شرّا من صبيّ: هو أكذب النّاس وأنمّ النّاس، وأشره النّاس وأبخل النّاس، وأقلّ النّاس خيرا وأقسى الناس قسوة.

وإنّما يخرج الصبيّ من هذه الخلال أوّلا فأوّلا، على قدر ما يزداد من العقل فيزداد من الأفعال الجميلة.

فكيف صارت قلّة العقل [هي] سبب سخاء الزّنج، وقد أقررتم لهم بالسّخاء ثم ادّعيتم ما لا يعرف. وقد وقّفناكم على إدحاض حجتكم في ذلك بالقياس الصّحيح.

وهذا القول يوجب أن يكون الجبان أعقل من الشّجاع، والغادر أعقل من الوفيّ. وينبغي أن يكون الجزوع أعقل من الصّبور. فهذا ما لا حجّة فيه

<<  <   >  >>