ولكلّ شيء من هذا إفراط وتقصير، وإنّما تصحّ نتائجها إذا أقيمت على حدودها، وبقدر ما يدخل من الخلل فيها يدخل فيما يتولّد منها، لا بدّ منه ولا مزحل عنه، عليه عادة الخلق، وبه جرت طباعهم، وتمام المنفعة بها إصابة مواضعها:
فالإفراط في الجود يوجب التّبذير، والإفراط في التواضع يوجب المذلّة، والإفراط في الكبر يدعو إلى مقت الخاصّة، والإفراط في المؤانسة يدعو خلطاء السّوء، والإفراط في الانقباض يوحش ذا النّصيحة. وآفة الأمانه ائتمان الخانة، وآفة الصّدق تصديق الكذبة، والإفراط في الحذر يدعو إلى ألّا يوثق بأحد، وذاك ما لا سبيل إليه. [والإفراط في المضرّة مبعثة على حربك] ، والإفراط في جرّ المنفعة غناء لمن أفرطت في نفعه عنك.
واحذر كل الحذر أن يختدعك الشيطان عن الحزم فيمثّل لك التّواني في صورة التوكّل، ويسلبك الحذر، ويورثك الهوينا بإحالتك على الأقدار، فإنّ الله