-تعرض في هذا لكثير من الهجوم- وقد تبنى هذا الرأي معارضًا رأي الخوارج الذين أخرجوا أكثر المسلمين من حظيرة الإسلام واستباحوا قتلهم. والأصل في الإسلام عند أبي حنيفة الجمع والتوحيد والتأليف وليس التمزيق والتفريق والصراع، وهذه رسالة الإسلام ورسالة العالم المسلم -عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر دون أن يفكر أحدًا من الناس بذنب. ويجب أن يظل الباب مفتوحا للعودة إلى الدين سواء بالنسبة لأداء الفرائض أو التزام الجماعة. ويجب على العالم أن يعمل على انتشار الثقة بالنفس بين المؤمنين. فالإيمان، لأن الإيمان هو التصديق والتسليم لله وهذا لا يتجزأ ولا يزيد أو ينقص.
ويؤكد أبو حنيفة أن الفقه في الدين أفضل من الفقه في الأحكام، ولئن يتفقه الرجل كيف يعبد ربه خير له من أن يجمع العلم الكثير ... ويؤكد كذلك أنه على المتعلم أن يدرك أن مصادر المعرفة أربعة: كتاب ناطق وخبر مجتمع عليه واجتهاد قياس وإجماع. وهو يصنف الناس من أجل توضيح أسلوب تعامل العالم مع كل فئة حيث يقول الناس على أربعة أصناف المؤمن المخلص في إيمانه، والكافر الجاحد في كفره، والمنافق المداهن في نفاقه والمعاهد ... وعلى العالم أن يراعي هذا التصنيف. ويركز أبو حنيفة على قيمة العمل وقيام المجتمع على أساس العمل -وقد كان كل الأنبياء من العاملين- وقد فعل ذلك في مقابل بعض الدعاوي إلى ترك الدنيا واعتبار هذا أفضل من التكسب فيها وأوجه الكسب عنده الإمارة والتجارة والزراعة والصناعة أما العلم فليس وسيلة للكسب عنده حفاظا على قيمة العلم والعالم. وأشار إلى ضرورة محاسبة العالم لنفسه ومراقبة سلوكه الشخصي والعام وتقوى الله وأداء الأمانة والنصيحة، ذلك أنه قدوة للمتعلم وللناس. وكانت له آراء في سلوك المتعلم فقد ذكر أنه يحسن إلا يتزوج وإلا يمتهن مهنة إلا بعد التحصيل العلمي الأساسي وهذا يعني التفرغ للعلم في الشباب، وليس معنى عدم الاهتمام بالمال، ولكن يجب العمل على