تحصيله من الحلال للاستغناء به عن وجهاء المجتمع والسلطة. وقدم العديد من النصائح التربوية التي يجب أن يلتزم بها العالم والمتعلم للحفاظ على كرامة العلم والعلماء والحصول على ثقة الناس فيهم*. ومن هذا يتضح أنه كان لأبي حنيفة رؤية تربوية منهجية واضحة في تربية العالم وسلوك المتعلم وأساليب التحصيل العلمي وأسلوب التنشئة الاجتماعية التربوية السليمة وأخلاقيات العالم وأسلوب الدعوة وأسلوب الحوار ومصادر العلم.. مما يتفوق على الكثير من النظريات التربوية المعاصرة.
وإذا انتقلنا لعرض موجز سريع لأهم التصورات التربوية عند مالك بن نبي وتصوره لكيفية استعادة الشعوب الإسلامية المعاصرة مجدها الأول كما كان في صدر الإسلام، فإنه يرى أن إيديولوجية التغير وإعادة البناء هي إيديولوجية التغير والبناء نفسها التي انطلق منها المجتمع العربي في صدر الإسلام إذ إن نهضة مجتمع ما تتم في الظروف العامة نفسها التي تم فيها ميلاده. وقد كانت آراء مالك بن نبي موضوع رسائل علمية منها رسالة علي القريشي بعنوان الأسس التربوية للتغير الاجتماعي عند مالك بن نبي والتي سوف تقتطف منها أهم التصورات التربوية عند هذا المفكر المسلم. وهو يرى أن هناك أسسا تربوية للوصول إلى الحضارة. وهو يرى أن الحضارة هي التي تلد منتجاتها. ويرى لتحقيق هذه الغاية أنه يجب معالجة ثلاث مشكلات أولية للتغير الحضاري وهي: مشكلة الإنسان، ومشكلة التراب "الإمكانات الطبيعية" ومشكلة الوقت "عنصر الزمن". ولتحقيق التقدم الحضاري للمجتمعات العربية يجب العودة للبنية التي شكلت من خلالها الفكرة
* مثل التزام الجلوس في المسجد وعدم الجلوس في الطرقات أو أمام المحلات، وعدم الأكل في الأسواق، وعدم مخالطة التجار والوجهاء ورجال الديوان في البداية تجنبا لإساءة الظن بالعالم، وعدم مجالسة أهل الأهواء إلا على سبيل الدعوة للدين وعدم مجالسة ذوي الجاه والشراء يجب الحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ويجب على العالم أن يكون فقيه الجمهور وأن يتجنب السلطان ولو كان عالمًا عادلًا.. هذه الصفات وغيرها ذكرها رشوان السيد في المحاضرة التي أشرنا إليها.