ينافسون صغار المزارعين في شراء كل قطعة تظهر للبيع فلا يستطيع صغار المزارعين منافستهم -لأنها منافسة غير متكافئة- وهنا يحق لولي الأمر التدخل. وقد اشترط الكثير من الفقهاء عدة شروط حتى يتحقق الاحتكار أهمها١٤:
أولا: أن يكون الشيء المحتكر فائضًا عن حاجة الشخص وحاجة يمونهم سنة كاملة، لأنه يجوز للإنسان أن يدخر حاجه أهله حيث ثبت عن النبي -صلي الله عليه وسلم- أنه كان يحبس قوت سنتهم من الطعام إن تسنى له ذلك.
ثانيا: أن يكون المحتكر ينتظر فرصة لارتفاع ثمن السلعة حتى يبيعها بأثمان فاحشة حين تشتد حاجة الناس إليها. وهنا يجد الغني سبيلا إلى شرائها وسد حاجته منها ولا يجدها الفقير أو غير الميسور.
ثالثا: أن يكون الاحتكار في وقت احتاج الناس إلى الشيء المحتكر، فلو كان الشيء أو السلع في أيدي عدد من التجار، ولكن لا يوجد ضيق عند الناس، فلا يعد ذلك احتكارًا؛ لأن السبب في المنع هو رفع الضرر عن الناس*.
وفي سبيل مواجهة المشكلات الاقتصادية في مجال المعاملات بالبيع والشراء فقد وضع الإسلام مجموعة من الضوابط أهمها:
أولا: منع الاحتكار بأن تباع السلع المحتكرة جبرًا عن صاحبها بالسعر
* ويضيف بعض الفقهاء مثل أبي حنيفة شرط رابع وهو أن تكون السلعة المحتكرة مشتراة من ذات الإقليم الذي ظهرت فيه الضائقة، أما إذا كانت مجلوبة من إقليم آخر، أو كانت إنتاجًا للمالك الذي انفرد بالملكية فإن أبا حنيفة لا يعده احتكارًا. وقد بنى رأيه على احترام الملكية الفردية وعدم التعرض لها إلا ثبت ضرر مؤكد، وهو لا يعتبر أن انفراد الشخص ببيع بضاعته المجلوبة أو التي أنتجها بالزراعة ضررًا لأن الجلب ذاته خير والإنتاج خير للجماعة، ولو أجبر الجالب على البيع بأسعار ما قبل الندرة لامتنع الناس عن الجلب أو عن الاستيراد مما يزيد في ضائقة الناس. كذلك الأمر في الإنتاج الذي يجب تشجيعه١٥.