المسلم أو لدى المسلمين. وحرص المسلم على مراقبة الله في السر والعلن وعلى قيم الحق والعدل والأخوة والإخلاص والتكافل الاجتماعي وإفشاء السلام والسعي لكسب الرزق بالحلال والإحسان إلى الجار ... إلخ، كل هذه الأمور هي من صميم التحديث والتنمية، وهي من صميم المعتقدات الإسلامية في الوقت نفسه. والواقع أنه لا يوجد مجتمع تقليدي ١٠٠% ولا مجتمع حديث ١٠٠% حيث غالبًا ما تجتمع التقليدية والحداثة في كل المجتمعات بنسب متفاوتة. وغالبًا ما يكون للتحديث جوانب سلبية تنال من الجوانب الإيجابية للمجتمع التقليدي -ترابط الأسرة- الاستقرار النفسي -صلات الرحم- رعاية الآباء للأبناء، القناعة والرضى النفسي ... إلخ- وهذا يعني أن التمايز البنائي أو الانتقال من التجانس إلى اللاتجانس والحراك الاجتماعي وإن كانا ضرورة من ضرورات التحديث إلا أنه يؤدي إلى الكثير من السلبيات التي تخلو منها المجتمعات التقليدية إلى حد كبير.
وإذا كانت مسارات التحديث مختلفة وليست كما يذهب "شلز" الذي يقصرها على الصياغة الغربية للمجتمعات، فإنه يمكن أن تتعايش التقليدية مع التحديث بأشكال مختلفة -كما حدث في تجربة التنمية في المجتمعات الإسلامية وكما حدث في التجربة اليابانية. وكما حدث في التجربة السوفيتية التي ينظر إليها "شلز" بوصفها تحديثًا مشوهًا. وإذا كان بعض الدارسين حاولوا إيجاد العلاقة بين المتغيرات خلال عملية التحديث مثل العلاقة بين التصنيع والأسرة أو التحضر والقيم، أو التعليم والسلوك أو التصنيع والتحضر من جهة وبين جانب الضبط الاجتماعي من جهة أخرى.. فإن هذه المحاولات ونظرًا لاختلاف نماذج التحديث واختلاف مساراته. كذلك فقد كانت المنطلقات التاريخية للتحديث مختلفة، فقد بدأت عمليات التحديث في إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية والدول الْأُسْكُنْدِنَافِيَّة على يد جماعات نشطة في المجال الاقتصادي والثقافي وبدرجة أقل في المجال السياسي، الأمر الذي جعل جماهير هذه المجتمعات تنخرط في الأنشطة