للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما لبث أن اختفى المترجمون من المكتبات وتوقف نشاط الترجمة تقريبًا في عهد الواثق، ولعل مرد ذلك تقدم المسلمين في المجال العلمي مما أغناهم عن الاشتغال بتراث غيرهم.

وقد ألحق بقسم النساخ والمترجمين المجلدون الذين يقومون بتجليد ما ينسخه النساخ والمترجمون، كما يقومون بترميم وإصلاح ما يطرأ على الكتب من كثرة الاستعمال، وقد تقدم التجليد عند المسلمين من حالته البسيطة إلى أرفع درجاته وأحلى زخارفه ونقوشه.

ويساعد الخازن في عمله فئة عرفت بالمناولين، وتقتصر وظيفة المناول على إرشاد المطالع إلى موضع الكتب ي الرفوف؛ إذا تعذر عليه معرفة مكانها، أو إحضار ما يطلبه القراء من الكتب إلى أماكن قراءتهم، ومن هنا يتبين لنا أن عملهم يدور بين القراء والكتب فهو دون عمل الخازن، ويرتقي عن عمل المستخدمين المسؤولين عن نظافة المكتبة وأثاثها.

وأما استعارة الكتب؛ فقد عرفت منذ زمن بعيد يعود إلى أواخر عصر الصحابة وأوائل عصر التابعين؛ فكان يستعير طلاب العلم بعضهم من بعض الأجزاء أو المجالس للنسخ والمقابلة والتصحيح، كما كان العلماء يتبادلون الكتب فيما بينهم، وقد حظيت اعارة الكتب واستعارتها بآداب جمة تدل على رفعة الأخلاق الإسلامية وشمولها جميع الميادين١؛ فيكره لمن عنده كتاب أن يحبسه عن أهل العلم، كما


١ يظهر هذا في بعض أقوالهم وأشعارهم. من هذا ما أنشده أبو الحسين علي بن أحمد بن يحيى الجوردكي لنفسه بالبصرة:
يا من يروم كتابي ... لنسخه إن أراده
أو رغبة في اطلاع ... يبغي بذاك الزيادة
توق فيه خصالا ... تسويده وفساده
=

<<  <   >  >>