وقد يتناول ثالث النثر، والمؤرخ يتناول بالدراسة أهم الأحداث التي جرت في تلك الفترة، وعالم الاجتماع قد يدرس بعض الظواهر الاجتماعية في تلك الحقبة؛ بينما يتناول الفقيه أدلة الأحكام التي تنزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم، ويهم المحدث أن يبين الصحيح منها والضعيف، ويحرص على معرفة حفظ الحديث وروايته وكبار نقلته وأئمته وحفاظه؛ فكل باحث تناول جانبًا من جوانب تلك الفترة المحددة؛ لكن أبحاثهم اختلفت وتغايرت. وقد يتعرض الباحث في موضوع بلمحة موجزة إلى ما له صلة بهذا الموضوع فمثل هذه اللمحة لا تحول دون اختيار الموضوع والكتابة فيه.
ومن أهم عوامل نجاح الموضوع أن يكون خصبًا حيويًّا له صلة قوية بميل الطالب. وكلما اتسعت دائرة الانتفاع به ازدادت أهميته؛ فالكتابة في موضوع "المصارف في الإسلام" تلقى اهتمامًا أكبر بكثير من الكتابة في "القياس" أو "الاستحسان"؛ ذلك لأن الموضوع الأول يشغل أذهان المسلمين على اختلاف طبقاتهم وأعمالهم. والكتابة في موضوع "استخراج الماء في الأراضي الصحراوية" في بيئة صحراوية تلقى ترحيبًا كبيرًا واهتمامًا عظيمًا غير الذي تلقاه فيما لو كتب في بلاد أنهارها كثيرة، وأمطارها غزيرة وأراضيها خصبة.
ومما يسهم في نجاح البحث غزارة المصادر، ووفرة المادة، ووضوح المنهج وتحديد الموضوع تحديدًا دقيقًا بحيث يسهل اختيار عنوانه؛ فيدل على مضمونه وألوانه.
وقد لا يواجه الطالب المبتدئ في السنوات الأولى في الكلية أو الجامعة مشكلة اختيار البحث؛ لأن المدرس يختار موضوعًا أو أكثر يناسب الطلاب؛ فيكتب كل طالب فيما عينه المدرس، أو يختار موضوعًا من موضوعين أو ثلاثة؛ فيحتاج إلى تقليب النظر فيها حتى