ومع هذا لم تكن ميادين التعليم محصورة في مجال معين؛ فلم يقتصر تبليغ الرسول صلى الله عليه وسلم على مكان محدود، ولا على مناسبة بعينها؛ فقد كان يستفتى في الطريق فيفتي ويسأل في المناسبات المختلفة فيجيب، يبلغ الإسلام في كل فرصة تسنح له، وفي كل مكان يتسع لذلك. وإلى جانب هذا كانت مجالسه العلمية كثيرة يتعهد فيها أصحابه بالتوجه والتعليم؛ فكان إذا جلس جلس إليه أصحابه حلقًا حلقًا، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "إنما كانوا إذا صلوا الغداة قعدوا حلقًا حلقًا، يقرءون القرآن، ويتعلمون الفرائض والسنن". وإن تاريخ الصحابة وحياتهم العلمية لتشهد بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يضن على مسلم بالعلم؛ بل كان يكثر مجالسة أصحابه يعلمهم ويزكيهم. انظر بسط هذا في كتابي "أصول الحديث" ص ٥٨ وما بعدها. ١ انظر كتابي "أصول الحديث" ص ٥٤ ٢ مجمع الزوائد ص١٢١ ج١ ٣ وقد طبق الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك عمليًا بسند تعليم الأمة والقضاء والفتوى إلى علماء الصحابة في الأمصار البعيدة؛ فأرسل أنس بن مالك ومعاذ بن جبل إلى اليمن، وعليًا رضي الله عنه في أكثر من بعث علمي، وأبا هريرة إلى البحرين وغيرهم من أكابر الصحابة. وواضح تقديم أهل العلم والاختصاص في جميع مجالات الحياة وميادينها؛ ففي =