وعلى نهجه صلى الله عليه وسلم سلك أصحابه والتابعون في تقديم العلماء وأهل الاختصاص؛ فحين يكلف الصديق زيد بن ثابت بجمع القرآن الكريم يقول له: إنك شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه. ويظهر هذا جليًا في اللجنة التي شكلها عثمان بن عفان رضي الله عنه لنسخ المصاحف وإرسالها إلى الأمصار، وإن صفحات التاريخ الإسلامي مليئة بأخبار أهل العلم ودورهم في تقدم أمتهم، ودفعها إلى ذرا المجد والكمال، وتحريرها من الظلم والطغيان، والوقوف في وجه أعدائها؛ فقد كان العلماء قلب الأمة النابض، ويدها القوية بالحق، ووجهها في الدعوة إلى العدالة وإقامة حدود الله منذ عصر الصحابة إلى الأيام القريبة الخالية؛ فأخبار الإمام عبد الله بن المبارك والإمام أحمد وابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهم من الأئمة الأعلام غرة في جبين التاريخ، وأخبار علماء مصر وفلسطين والعراق أيام الانتداب البريطاني وعلماء سوريةأيام الانتداب الفرنسي ليست عنا ببعيدة، وكلنا يذكر الدور العظيم الذي قام به علماء الجزائر في الانتفاضة الأخيرة في ثورة الجزائر العظيمة. ولا تزال مكانة العلماء وجهودهم وآثارهم فعالة قوية في كثير من البلدان الإسلامية.