أوصى بطلاب العلم خيرًا، ورغب في تعليمهم والإحسان إليهم؛ من هذا ما رواه أبو هارون العبدي قال: كنا إذا أتينا أبا سعيد الخدري قال: مرحبًا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: قلنا: وما وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه سيأتي بعدي قوم يسألونكم الحديث عني؛ فإذا جاؤوكم فألطفوا بهم، وحدثوهم" ١. وفي رواية "إنهم -أي طلاب العلم- سيأتونكم من أقطار الأرض، يتفقهون في الدين؛ فإذا جاؤوكم فاستوصوا بهم خيرا". ٢
هكذا تبين لنا حرص الشريعة على العلم والتعليم، وقد مارس الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك بنفسه، وشجع على طلب العلم، وأوصى بطلابهن وبين ما للمشاركة فيه من أجر، حتى بلغ التشجيع العلمي أوجه، وفتح باب العلم للجميع ليس بينه وبين أحد حاجز أو مانع. وأبلغ من هذا كله، أن الرسول صلى الله عليه وسلم حذر العلماء من أن يتساهلوا في أداء واجبهم وتعليم الجاهلين وأنذرهم بالعقاب، وحذر الجاهلين من البقاء على جهلهم، وحثهم على طلب العلم، وعلى تحطيم ربقة الجهل وعدم المعرفة، وحضهم على قرع ابواب العلماء، ويتجلى هذا بوضوح فيما رواه عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن جده قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم ذات مرة فأثنى على طوائف من المسلمين خيرًا، ثم قال: "ما بال أقوام لا يفقهون
١و٢ أخرجه الترمذي وابن ماجه، وضعفه بعضهم لضعف أبي هارون العبدي؛ إلا أنه ورد من غير طريق الترمذي بطريق حسن بل صحيح كما قال مغلطاوي، انظر فيض القدير ج٢ ص٤٠٠.