للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- الموطأ:

ألف الإمام مالك كتابه الذي اشتهر بين أهل العلم بالموطأ على الأبواب. وقد توخى فيه القوي من أحاديث أهل الحجاز، ولم يقتصر فيه على الحديث النبوي المرفوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم؛ بل ذكر فيه أقوال الصحابة والتابعين، وقد بناه على نحو عشرة آلاف حديث، من مائة ألف حديث كان يحفظها؛ فكان ينظر فيه وينقحه حتى أصبح على ما هو عليه الآن، وقد استغرق في تصنيفه وتنقيحه وتحريره زمنًا طويلًا؛ فقد عرض عمر بن عبد الواحد -صاحب الأوزاعي- الموطأ على مالك في أربعين يومًا؛ فقال: كتاب ألفته في أربعين سنة، أخذتموه في أربعين يومًا!؟ ما أقل ما تفقهون١.

وقد ذكر الإمام مالك أنه عرض كتابه الموطأ على سبعين فقيهًا من فقهاء المدينة فكلهم واطأه عليه. قال فكلهم واطأني عليه فسميته الموطأ.

سبق لنا أن ذكرنا أن الإمام مالكًا كان من أول المصنفين في المدينة المنورة؛ إذ ظهرت طلائع المصنفات في مختلف عواصم البلاد الإسلامية في أوقات متقاربة، ويروي العلماء أن سبب تصنيف مالك لكتابه طلب أبي جعفر المنصور -نحو سنة ١٤٨هـ- من مالك أن يضع للناس كتابًا يحملهم عليه، قال أبو جعفر: "اجعل العلم يا أبا عبد الله علمًا واحدًا؛ فقال له مالك: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا في البلاد؛ فأفتى كل في عصره بما رأى..". وقال


١ هذا يدل على حسن تحري الإمام مالك، ولا يعني أنه استغرق هذه السنوات في التصنيف؛ فقد ذكر الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله أن تدوين الموطأ كان نحو سنة ١٥٩هـ وطلب أبي جعفر من مالك تدوينه كان نحو سنة ١٤٨هـ؛ فيكون قد استغرق في جمعه وتمحيصه نحو إحدى عشرة سنة. انظر مالك ص٢١٢-٢١٣.

<<  <   >  >>