أحمد. وقال مرة: حبر من أحبار هذه الأمة. وقال الشافعي: خرجت من بغداد وما خلفت بها أفقه ولا أزهد ولا أورع ولا أعلم من أحمد بن حنبل، وقال قتيبة: أحمد إمام الدنيا. وكان صاحب سنة وخير. وقال محمد بن هارون الفلاس: اشتهر الإمام أحمد بتقواه وورعه وحفظه، وكان يحفظ ألف ألف حديث. قال ابن حبان: كان حافظًا متقنًا فقيهًا ملازمًا للورع الخفي مواظبًا على العبادة الدائمة.
اشتهر أمر الإمام أحمد وصار محط أنظار العلماء وطلاب العلم يرتحلون إليه من الآفاق؛ حتى إن الإمام أبا جعفر محمد بن جرير الطبري قصد بغداد للسماع منه وقبل أن يدخلها بلغته وفاته؛ فعرج عنها إلى غيرها.
كان عزيز النفس زاهدًا، متواضعًا متسامحًا، عرض عليه القضاء فأبى، وكان لا يقبل جوائز ولاة الأمور. قوالًا بالحق، ولا يحابي فيه أحدًا، وقد تعرض رحمه الله للمحنة والابتلاء، بسبب ثباته على أن القرآن كلام الله غير مخلوق، مخالفًا ما ذهب إليه الخليفة المأمون من القول بخلق القرآن، وثبت الإمام أحمد على قوله فاقتدى به خلق كثير، وقد قاسى من الضرب والسجن وصبر ولم يرجع عن قوله، وكان لموقفه أثر عميق في الأمة، قدره أهل العلم؛ حتى قال الإمام علي بن المديني:"إن الله أعز الدين بأبي بكر يوم الردة، وبأحمد بن حنبل يوم المحنة".
إلى أن كشف الله تعالى الغمة عن الأمة في عهد المتوكل؛ فعرف الخليفة قدره وأدناه منه
توفي الإمام أحمد سنة "٢٤١هـ" ببغداد فشيعه نحو ألف ألف. رحمه الله.
ب- المسند:
للإمام مؤلفات كثيرة أشهرها كتابه المسند. وهذا الكتاب من أعظم ما دُوِّنَ في الإسلام، ومن أجمع كتب الحديث التي كُتِبَ لها البقاء