للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-من مؤلفات مطلع القرن الثالث الهجري- والوصول إلينا، سلك فيه مسلكًا مغايرًا مسالك المصنفين في الحديث على الأبواب؛ فرتب كتابه على أسماء الصحابة -كما هو الشأن في جميع المسانيد- وذكر لكل صحابي أحاديثه مسندة، وقد اختار مسنده من نحو سبعمائة وخمسين ألف حديث١، وبلغ عدد ما جمعه في مسنده نحو ثلاثين ألف حديث أو يزيد٢، أخرجها عن قرابة ثمانمائة من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. ومما تجدر الإشارة إليه أنه لم يذكر فيه شيئًا من فقه الصحابة والتابعين ومن فقهه كما فعل الإمام مالك في موطئه.

وأحاديث المسند تدور بين الصحيح والحسن والضعيف؛ ففيه أحاديث صحيحة مما أخرجه أصحاب الكتب الستة، ومما لم يخرجوه وفيه الحسن والضعيف المحتج به، حتى إن الإمام السيوطي قال: "وكل ما كان في مسند أحمد فهو مقبول؛ فإن الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن"٣.

والمهم أن الإمام أحمد اجتهد في جمع أحاديث مسنده؛ فلم


١ ليس المقصود بهذه الألوف عددها من الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وإنما هي طرق متعددة؛ إذ قد يروى الحديث الواحد من عدة طرق -أي بأسانيد مختلفة- قد تتجاوز ثلاثين طريقا؛ فتعد هذه الطرق أحاديث؛ فيختار منها المصنف أصحها وأقواها حسب ما ينتهي إليه تمحيصه واجتهاده. وانظر أيضًا مسند الإمام أحمد بتحقيق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله ص٢٠ ج١ وما بعدها.
٢ قال الشيخ أحمد محمد شاكر:"هو على اليقين أكثر من ثلاثين ألفًا وقد لا يبلغ الأربعين ألفًا، وسيتبين عدده الصحيح عند تمامه إن شاء الله" المسند هامش ص٢٣ ج١.
٣ اختلف بعض العلماء في وجود بعض الموضوع في المسند ولو بندرة وفي عدم وجوده، وخلاصة القول: إن المختلف فيه لا يعدو أصابع اليد، قال ابن حجر في كتابه تعجيل المنفعة برجال الأربعة -أي الموطأ، ومسند أبي حنيفة ومسند الشافعي ومسند أحمد رحمهم الله ليس في المسند حديث لا أصل له إلا ثلاثة أحاديث أو أربعة. وقد اعتذر عنه أن هذه الأحاديث مما أمر الإمام أحمد بالضرب عليه فَتُرِكَ سهوًا. ومع هذا فإن بعض الحفاظ حاول نفي وجود الموضوع فيه.

<<  <   >  >>