المسائل اللغوية والنحوية سلبت كتابه سلاسة الأدب، وأسبلت على بعض موضوعاته ثوب البحث العلمي الجاف، ومع هذا؛ فإن قارئ الكامل يشعر بقوة أسلوب المبرد، وحسن تعبيره، ودقته في التحليل والتفسير، وحسن الاختيار؛ فالكتاب جامع مفيد قال المبرد في مقدمة كتابه:"هذا كتاب ألفناه يجمع ضروبًا من الآداب ما بين كلام منثور وشعر مرصوف، ومثل سائر، وموعظة بالغة واختيار من خطبة شريفة، ورسالة بليغة، والنية فيه أن نفسر كل ما وقع في هذا الكتاب من كلام غريب، أو معنى مستغلق، وأن نشرح ما يعرض فيه من الإعراب شرحًا شافيًا؛ حتى يكون هذا الكتاب بنفسه مكتفيًا، وعن أن يرجع إلى أحد في تفسيره مستغنيًا وبالله التوفيق ... ". وقد طبع الكتاب في جزأين سنة ١٩٥١ بمصر ومن أحسن طبعاته التي اعتنى بها زكي مبارك وأحمد محمد شاكر، وهي في ثلاثة أجزاء صدرت سنة ١٩٣٦ عن مطبعة البابي الحلبي، ثم صدر جزء رابع يضم الفهارس التي وضعها محمد سيد الكيلاني سنة ١٩٥٦.
٤- العقد الفريد:
لأبي عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي "٢٤٦ - ٣٢٧هـ" كتاب أدبي جامع استفاد من السابقين كابن قتيبة والجاحظ والمبرد وابن المقفع وغيرهم، وقد ذكر أنه تخير كتابه من متخير جواهر الآداب ومحصول جوامع البيان؛ فكان جوهر الجوهر، ولباب اللباب ... قال: "فتطلبت نظائر الكلام وأشكال المعاني، وجواهر الحكم، وضروب الآداب، ونوادر الأمثال، ثم قرنت كل جنس منها إلى جنسه؛ فجعلته بابًا على حدته؛ ليستدل الطالب للخبر على موضعه من الكتاب ونظيره في كل باب، وقصدت من جملة الأخبار وفنون الآثار أشرفها جوهرًا وأظهرها رونقًا، وألطفها معنى، وأجزلها لفظًا، وأحسنها ديباجة، وأكثرها طلاوة وحلاوة،