للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يزال عدد كبير من هذه المجلدات القديمة محفوظا في دار الكتب الظاهرية بدمشق ودار الكتب المصرية وغيرهما ضمن صناديقها على حالها التي كانت عليه في تلك العصور.

وكانت رفوف الكتب مفتوحة، والكتب في متناول الجميع، يستطيع أي مطالع أن يتناول الكتاب الذي يريده. وإذا عسر عليه معرفة موضع كتاب ما يستعين بالموظف المناول فيرشده ويساعده. وكانت بعض غرف المكتبة لا تخلو من رفوف مغلقة على بعض الكتب النادرة مخافة تلفها أو تساقط بعض أوراقها، ويستطيع المطالع أن يستفيد منها بإذن من المشرف على المكتبة، وبذا يتاح له استخراجها والمطالعة فيها.

وكان يشرف على المكتبة هيئة من المسؤولين؛ أعلاهم أمين المكتبة، أو خازن المكتبة، ولم يكن عمل الخازن إداريًا فحسب؛ بل كان علميًا وإداريًا في آن واحد؛ ولهذا اختير لشغل مناصب خزانة المكتبة أو أمانتها جماعة من فحول العلماء ومشاهير الأدباء؛ كسهل بن هارون وسعيد بن هارون وسلم خزنة بيت الحكمة ببغداد. وكان سلم حكيمًا فصيحًا شاعرًا، ولسهل عدة مؤلفات، وكان سعيد فصيحًا مترسلًا، له عدة مؤلفات. وقد أعد علي بن يحيى المنجم مكتبة الفتح بن خاقان، وقد كان أديبًا يميل إلى أهل الأدب، ويعتني بأمورهم وكان من خاصة ندماء المتوكل، وفي دار الحكمة بالقاهرة تولى منصب الخازن علي بن محمد الشابشتي، الذي عرف بالاطلاع الواسع، وبالمعشر اللطيف حتى صار جليس الخليفة العزيز بالله العبيدي، وله مؤلفات حسنة.

وقد بلغ خزنة المكتبات مبلغًا رفيعًا من العلم والمعرفة وسعة الاطلاع؛ حتى إن المؤرخ المشهور والعالم الكبير ابن مسكويه كان

<<  <   >  >>