للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمعُ، فهو أولى من اطِّراح أحد الطريقين"١.

قلت: ومعنى هذا الكلام: أنَّا إذا استثنينا رواية من اختلف عليه من الطرفين، فإنه يتحصل عندنا: أن معمراً، وشعيب بن أبي خالد روياه بلفظ "العارية وفي مقابلهما: إسماعيل بن أمية، وإسحاق بن راشد، وقد روياه بلفظ "السرقة"، وهما دون الأولين، وهذا إيراد متينٌ، وبه تزداد رواية معمر - ومن تابعه - قوةً، ويبعد أيُّ احتمال لإعلالها. هذا فيما يتعلق بالجواب عمَّا أُعِلَّتْ به رواية العارية.

وأما ما ذهبوا إليه من تأويل رواية العارية - على فرض ثبوتها -: بأن القطع كان للسرقة لا للعارية، وأن ذكر العارية إنما هو للتعريف المجرد بالمرأة، فإنَّ هذه محاولة للجمع بين الروايتين بعد تسليم ثبوت رواية العارية، وقد قرر البيهقيُّ - رحمه الله - ذلك بقوله: "ويحتمل أن يكون رواية من روى العارية على تعريفها، والقطع كان سبب سرقتها التي نُقلت في سائر الروايات، فلا تكون مختلفة، ويكون التقدير: أن امرأةً مخزومية كانت تستعير المتاعَ وتجحده - كما رواه معمر - سرقتْ - كما رواه غيره - فقطعت، يعني للسرقة"٢.

وقد ردَّ ابن القيم - رحمه الله - هذا التأويل ودفعه، فقال: "وأما قولهم: إن ذكر جحد العارية للتعريف، لا أنه الْمُؤَثِّرُ: فكلامٌ في غاية الفساد، لو صحَّ مثله - وحاشا وكلاَّ - لذهب من أيدينا عامة الأحكام


١ فتح الباري: (١٢/٩١) .
٢ السنن: (٨/٢٨١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>