للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن محيصة الأصغر أصبحَ قتيلاً على أبواب خيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَقِمْ شاهدين على من قتله، أَدْفَعْهُ إليك بِرِمَّتِهِ". قال: يا رسول الله أنَّى أصيبُ شاهدين، وإنما أصبح قتيلاً على أبوابهم؟ قال: "فتحلف خمسين قسامة". قال: فكيف أحلف على ما لا أعلم. قال: "تستحلف خمسين منهم". قال: كيف وهم يهود؟. قال: "وهذا السندُ صحيحٌ حسنٌ، وهو نصٌ في الحمل الذي ذكرته، فتعين المصير إليه"١.

وكأنَّ ابن القيم - رحمه الله - لم يستبعد إمكان الجمع أيضاً؛ فإنه بعد أن نقل كلام البيهقي السابق، قال: "ويدلُّ على ما ذكره البيهقي: حديث النسائي عن عمرو بن شعيب"٢. وهذا بعينه مسلك ابن حجر كما مرَّ، إلا أنه - مع ذلك - قد صَوَّبَ ما ذهب إليه الإمام مسلم - رحمه الله - من ترجيح رواية يحيى بن سعيد، وتخطئة ما سواها.

قلت: ومسلكُ الجمع وجيهٌ؛ إذ إنَّ الجمع بين الوجوه التي ظاهرها التعارض، أولى من تخطئة الثقة بلا برهانٍ واضحٍ، وبَيِّنَةِ ظاهرة، لا سيما وقد وُجِدَتْ متابعة لرواية سعيد بن عبيد، كما مضى في كلام ابن حجر رحمه الله.

ثم إنه قد وقع خلافٌ على يحيى بن سعيد في روايته، ففي رواية حماد بن زيد عند مسلم٣ وأبي داود٤، أنه صلى الله عليه وسلم قال: "يُقْسِمُ خمسون


١ فتح الباري: (١٢/٢٣٤) .
٢ تهذيب السنن: (٦/٣٢١) .
٣ صحيح مسلم: ح ١٦٦٩ (٢) .
٤ السنن: (٤/٦٥٥) ح ٤٥٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>