للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أكَّد - رحمه الله - أهمية توافر الضبط والعدالة في الراوي، وأنهما أساس الراوية، فقال في ابن إسحاق: "وثَّقَهُ كبار الأئمة، وأثنوا عليه بالحفاظ والعدالة اللذَيْن هما ركنا الرواية"١.

ومن أحكام العدالة التي ذكرها ابن القَيِّم:

أنَّ وقوع الراوي في بعض الذنوب لا يُنافي العدالة، فقاله رحمه الله: "قد يُغلط في مسمى العدالة، فَيُظَن أن المراد بالعدل: من لا ذنب له. وليس كذلك، بل هو عدلٌ مؤتمن على الدين، وإن كان منه ما يتوب إلى الله منه، فإن هذا لا ينافي العدالة، كما لا يُنافي الإيمان والولاية"٢.

وهذا المعنى قد أكدَّه الأئمة - رحمهم الله - قبل ابن القَيِّم، فروى الخطيب في (الكفاية) ٣ بسنده إلى سعيد بن المسيب - رحمه الله - أنه قال: "ليس من شريف ولا عالم ولا ذي سلطان إلا وفيه عيبٌ لابدَّ، ولكن من الناس من لا تذكر عيوبه، من كان فضله أكثر من نقصه، وُهِبَ نَقْصُهُ لِفَضْلِهِ".

وروى بسنده أيضاً إلى الشافعي - رحمه الله - أنه قال كلاماً قريباً من ذلك٤.

فهذه أبرز شروط الحديث الصحيح كما قررها ابن القَيِّم رحمه الله، وقد وافق بذلك ما ذهب إليه أئمة الشأن في كلامهم على الصحيح وشروطه وضوابطه.


١ جلاء الأفهام: (ص٦) .
٢ مفتاح دار السعادة: (١/١٦٣) .
(ص: ١٣٧ - ١٣٨) .
٤ الكفاية: (ص ١٣٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>