للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويؤكد - رحمه الله - هذا المعنى في حق أبي الزبير، فيقول في مناسبة أخرى: "وأكثرُ أهلِ الحديث يَحْتَجُّونَ به إذا قال: عن، ولم يُصَرِّح بالسماع، ومسلم يُصَحِّح ذلك من حديثه ... "١.

ولكن، لعل ابن القَيِّم - رحمه الله - أراد بعبارته الأولى أن ينفي عن أبي الزبير تدليس اسم شيخه الضعيف تغطية لحاله، وهو ما يعرف: "بتدليس الشيوخ" كما مرّ، فإن مناسبة كلام ابن القَيِّم هذا: أن أبا الزبير قال في إسناد الحديث الذي ذكره ابن القَيِّم: "عن رجل صالح من أهل المدينة". فقال ابن القَيِّم ما قال دفعاً لتوهم قيام أبي الزبير بذلك في حق شيخه المذكور.

وأما قوله - رحمه الله - عن السلف: "لم يكونوا يدلسون عن متهم ولا مجروح": فلعله يشير بالسلف هنا إلى التابعين خاصة، وأبو الزبير منهم، فهل يسلم له أن التابعين لم يقع منهم التدليس عن الضعفاء؟؟

فقد ذهب إلى ذلك أيضاً: الحاكم رحمه الله، فرأى أن التابعين بأسرهم لم يكونوا يدلسون إلا عن ثقة، نقل ذلك عنه العلائي٢، ثم اعترضه بقوله:

"وهذا لا يتم إلا بعد ثبوت أن من دَلَّسَ من التابعين لم يكن


١ زاد المعاد: (٥/٢٢٦) .
٢ جامع التحصيل: (ص١١٥- ١١٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>