للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذَهَبَ بَعْضُهم إلى أن هذا الحديث ناسخٌ لأحاديث المنع، لكن لم يوافق على دعوى النسخ جماعة، منهم: ابن قتيبة١. وقال ابن حجر: "والحق أنه ليس بناسخ لحديث النهي خلافاً لمن زعمه"٢. وكذا استبعد النسخ ابن خزيمة، فقال في ترجمته لهذا الحديث: " ... وَيَتَوَهَّمُ من لا يفهمُ العلم، ولا يُمَيِّزُ بين المفسر والمجمل: أن فعلَ النبي صلى الله عليه وسلم في هذا ناسخٌ لنهيه عن البول مستقبل القبلة"٣. وكذا قال ابن حبان حيث ترجم له بقوله: "ذكرُ خبرٍ أوهم من لم يُحْكِمْ صناعة الحديث أنه ناسخ للزجر الذي تَقَدَّمَ ذكرنا له"٤.

والذي ذهب إليه الجمهور وارتضاه أكثر العلماء: هو الجمع بين الأخبار في هذا الباب، قال ابن قتيبة: "وليسا عندنا من الناسخ والمنسوخ، ولكن لكل واحد منهما موضع يستعمل فيه، فالموضع الذي لا يجوز أن تُسْتَقْبَل القبلة فيه بالغائط والبول: هي الصحارى والبراحات. وكانوا إذا نزلوا في أسفارهم لهيئة الصلاة، استقبل بعضهم القبلة بالصلاة، واستقبلها بعضهم بالغائط، فَأَمَرَهُمْ أن لا يستقبلوا القبلة بغائط ولا بول إكراماً للقبلة وتنزيهاً للصلاة. فظن قوم أن هذا أيضاً يكره في البيوت والكُنُفِ المحتفرة ... "٥.

وترجم ابن خزيمة في (صحيحه) ٦ وكذا ابن حبان٧ بما يفيد ذلك.


١ تأويل مختلف الحديث: (ص ٩٠) .
٢ فتح الباري: (١/ ٢٤٥) .
٣ صحيح ابن خزيمة: (١/ ٣٤) .
٤ الإحسان: (٢/ ٣٤٦) .
٥ تأويل مختلف الحديث: (ص ٩٠) .
(١/ ٣٤) ح ٥٩، باب رقم (٤٤) .
٧ الإحسان: (٢/ ٣٤٧) ح ١٤١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>