للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الخطابي في (معالم السنن) ١: "وذهب عبد الله بن عمر إلى أن النهي عنه إنما جاء في الصحاري، فأما الأبنية فلا بأس باستقبال القبلة فيها". ثم قال: "الذي ذهب إليه ابن عمر ومن تابعه من الفقهاء أولى؛ لأن في ذلك جمعاً بين الأخبار المختلفة، واستعمالها على وجوهها كلها".

وقال ابن عبد البر - بعد أن ذكر أن ذلك مذهب مالك، والشافعي، وقول ابن المبارك، وإسحاق بن راهويه -: "والصحيح عندنا الذي يُذهب إليه: ما قاله مالك وأصحابه، والشافعي؛ لأن في ذلك استعمال السنن على وجوهها الممكنة فيها، دون رَدِّ شيء ثابتٍ منها"٢.

وقال الحافظُ ابن حجر: "وبالتفريق بين البنيان والصحراء مطلقاً قال الجمهور ... وهو أَعْدَلُ الأقوال، لإعمال جميع الأدلة"٣.

وبعدُ، فإن حديث جابر رضي الله عنه في استقباله صلى الله عليه وسلم القبلة ببوله: لا يَقِِلُّ عن درجة الحسن، وما أُعِلَّ به قد أُجيب عنه، والذي يظهر من صنيع ابن القَيِّم - رحمه الله - الميل إلى القول بضعفه، وأنه ذَهَبَ - بناء على ذلك - إلى القول بعدم جواز استقبال أو استدبار القبلة ببولٍ أو غائطٍ مطلقاً، وقد ظَهَرَ مما تَقَدَّمَ أن الصواب خلاف ذلك، والله أعلم.


(١/ ٢٠) .
٢ التمهيد: (١/ ٣١٢) .
٣ فتح الباري: (١/ ٢٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>