للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طرقه حسن على أقل أحواله - مع تصحيح جماعة له - وأن ما أُعِلَّ به لا يرد عليه، إذا تَقَرَّرَ ذلك: فإن حديث طلق هذا في عدم الانتقاض بالمسِّ يكون مخالفاً في ظاهره لحديث بُسرة وغيرها من الصحابة الذين رووا الانتقاض، ولقد سلك العلماء إزاء هذا التعارض١ مسالك، أبرزها:

أولاً: الجمع بين الحديثين، وذلك من وجوه:

١- أنَّ خبر طلق يُحْمَلُ على الْمَسِّ بحائل، واستدلوا ببعض ألفاظه التي جاء فيها أنه سُئِلَ عن مَسِّهِ في الصلاة، قالوا: فالْمُصَلي لا يمسُّ فرجه من غير حائل في الصلاة. حكاه الخطابي٢. وقَرَّرَ ابن حبان -رحمه الله- ذلك، فقال في (صحيحه) ٣: "ذكر البيان بأن الأخبار التي ذكرناها مجملة بأن الوضوء إنما يجب من مَسِّ الذكر إذا كان ذلك بالإفضاء دون سائر المسِّ، أو كان بينهما حائل". ثم ساق حديث المقبري عن أبي هريرة، ولفظه: "إِذَا أَفْضَى أَحَدُكُم بيده إلى فرجه، وليس بينهما سِتر ولا حجاب فليتوضأ".

٢- أن المسَّ الذي لا ينقضُ هو ما لم يكن مُتَعَمَّدَاً، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقال - وقد سئل عن ذلك -: "إن لم يتعمد ذلك لم ينتقض وضوءه"٤.

وقيل بغير ذلك من وجوه الجمع.


١ وقد قَرَّرَ شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَّة هذا التعارض، انظر: القواعد النورانية: (ص ٣٣) .
٢ معالم السنن: (١/ ١٣٣) .
٣ الإحسان: (٢/ ٢٢٢) ح ١١١٥.
٤ مجموع الفتاوى: (٢١/ ٢٣١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>