للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً: النسخ. فقد ذهب جماعة إلى أن حديثَ طلق منسوخ، منهم:

ابن حبان، والطبراني، والحازمي، وغيرهم. وأوضحَ ابن حبان ذلك، فَرَوى بإسناده إلى قيس بن طلق، عن أبيه في قصة بنائه مسجد المدينة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: "خبر طلق بن علي الذي ذكرناه خبر منسوخ؛ لأن طلقَ ابن علي كان قدومه على النبي صلى الله عليه وسلم أول سنةٍ من سِنيِّ الهجرة، حيث كان المسلمون يبنون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة. وقد روى أبو هريرة إيجاب الوضوء من مَسِّ الذكر على حسب ما ذكرناه قبل، وأبو هريرة أسلمَ سنة سبع من الهجرة، فدلَّ ذلك على أن خبر أبي هريرة كان بعد خبر طلق بن علي بسبع سنين"١.

ثم روى ابن حبان بإسناده - أيضاً - إلى طلق حديث قدومه على النبي صلى الله عليه وسلم ومبايعته إياه، ثم رجوعه إلى بلده، ثم قال: "في هذا الخبر بيانٌ واضحٌ أنَّ طلقَ بن عليٍّ رجع إلى بلده بعد القَدْمَةِ التي ذكرنا وقتها، ثم لا يُعْلَمُ له رجوعٌ إلى المدينة بعد ذلك. فمن ادَّعَى رجوعه بعد ذلك، فعليه أن يأتي بِسُنَّةٍ مُصَرِّحَةٍ، ولا سبيل له إلى ذلك"٢.

وقد ذكر الحازمي مثل ذلك، ثم قال: "ثم نظرنا: هل نجد أمراً يؤكد ما صرنا إليه، فوجدنا طلقاً روى حديثاً في المنع، فَدَلَّنَا ذلك على صِحَّةِ النقل في إثبات النسخ، وأن طلقاً قد شاهد الحالتين، وروى الناسخ والمنسوخ"٣.


١ الإحسان: (٢/ ٢٢٤) .
٢ الإحسان: (٢/ ٢٢٤ - ٢٢٥) .
٣ الاعتبار: (ص٤٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>