ملازمة له وأحبهم إليه "بابا، ماما، ددة ... إلخ" وعلى الأمور الضرورية له "أمبو=الماء، مم=الطعام ... " وعلى الأشياء التي تستأثر بانتباهه لغرابتها مثلًا، فقد كانت كلمة طيارة من الفوج الأول من الكلمات التي لاحظت أن ابني إقدامًا يفهم مدلولها -يظهر فهمه لمدلولها في أوائل شهره العاشر, فقد كنا نجلس به في حديقة المنزل، فتحلق بعض الطائرات فوق رءوسنا محدثة دويًّا مزعجً، فاستأثر هذا بقسط كبير من انتباهه, وتمكن معنى الكلمة في ذهنه، فكنا إذا سألناه في وقت لا طائرة فيه فوق رءوسنا:"فين الطيارة يا ميمي" = "أين يا إقدام" رفع بصره إلى السماء كمن يبحث عنها.
المرحلة الثالثة: مرحلة التقليد اللغوي:
تبدأ هذه المرحلة عند العاديين من الأطفال في أواخر السنة الأولى أو أوائل الثانية، وتنتهي في الخامسة أو السادسة أو السابعة, وأما غير العاديين من الناحية اللغوية فقد لا تبدأ لديهم إلّا في أواخر الثانية أو أوائل الثالثة، ويتأخر تبعًا لذلك موعد انتهائها, وعند بعض الشواذ من الأطفال لا تبدأ إلّا في سن متأخرة جدًّا، كما سنذكر لك فيما بعد, وقد تبدأ في حالات نادرة في سن مبكرة جدًّا؛ فقد سجَّل سكوبن Scupin بعض شواهد لها حدثت في الشهر الثاني، ولاحظ مثلها جويوم وشترن في الشهر الثالث، ودارون في الشهر الرابع. ولكن ظهورها في مثل هذه السن نادر جدًّا، والشواهد التي تذكر من هذا القبيل غير موثوق بصحتها كل الوثوق, ويمكن تأويلها على وجه آخر.
وفي هذه المرحلة يظهر النوعان الخامس والسادس من أنواع الأصوات السابق ذكرها "محاكاة أصوات الحيوان ومظاهر الطبيعة بقصد التعبير عن مصادرها أو عن أمور تتصل بها، ومحاكاة الكلمات بقصد التعبير عن مدلولاتها".