للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الانتفاع ببحوث علم اللغة من الناحية العلمية]

...

٧- الانتفاع ببحوث علم اللغة من الناحية العملية:

غير أنه من الممكن الانتفاع بحقائق هذا العلم من الناحية العملية، أي: الاهتداء على ضوئه إلى ما ينبغي عمله في ظواهر اللغة، شأنه في ذلك شأن غيره من العلوم؛ فكما أن بحوث الفيزيولوجيا التي تدرس وظائف الأعضاء دراسة علمية، أي: دراسة وصف وتحليل، قد أقيم على أسسها فن الطب الذي يشرح الوسائل التي ينبغي الالتجاء إليها للوصول إلى طائفة معينة من الغايات العملية المتصلة بجسم الإنسان؛ وكما أن بحوث السيكولوجيا -علم النفس- التي تدرس القوى النفسية لمجرد وصفها وتحليلها, وكشف القوانين الخاضعة لها، قد أقيم على أسسها فن "البيداجوجيا" الذي يشرح الوسائل التي ينبغي اتخاذها لتربية قوى الطفل النفسية وتعليتها وتهذيبها, وإعدادها إعدادًا صالحًا للحياة المستقبلية؛ كذلك من الممكن أن يقام على القواعد التي يكشفها علم اللغة بحوث فنية ترشدنا إلى ما ينبغي عمله في مختلف الشئون اللغوية، فترشدنا مثلًا إلى خير الوسائل التي ينبغي اتخاذها في تعليم اللغات الحية وغيرها، وفي وضع كتب القواعد والأدب وطرق تدريسها، وفي إصلاح قواعد الإملاء والشكل والترقيم، وفي تدوين معجمات اللغة وضبط مفرداتها وتحديد دلالاتها، وفي النهوض باللغة, ومحاربة ما يطرأ عليها من لحن أو تحريف، وفي تهذيب مصطلحاتها, وتوسيع نطاقها, وترقية لهجاتها العامية, وإدخال مفردات جديدة على مفرداتها، وفي إحلال لغة أخرى محلها، وفي إنشاء لغة عالمية يتحدث بها جميع أفراد النوع الإنساني ... وما إلى ذلك من الشئون اللغوية التي تستأثر الآن بقسط كبير من نشاط الباحثين والمصلحين, والتي من أجلها تنشأ المجامع اللغوية و"الأكاديميات", وينظم عدد كبير من المؤتمرات المحلية والدولية.

<<  <   >  >>