غير أن علماء اللغة لم يصلوا بعد إلى استنباط قوانين بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة إلّا في الشعبة الخاصة بدراسة الأصوات "الفونيتيك". أما في الشعبة الخاصة بالدلالة "السيمنتك" فكثير مما كشفوه لم يصل بعد في دقته وضبطه وعمومه إلى المستوى الذي يستحق فيه اسم "القوانين".
والسبب في ذلك راجع إلى أن الظواهر الصوتية في مختلف أشكالها ترجع أهم عواملها إلى أعضاء النطق وطريقة أدائها لوظائفها, وتأثرها بالظواهر الجغرافية, وأساليب انتقالها بطريق الوراثة من الأصول إلى الفروع وما إلى ذلك. وعوامل هذه طبيعتها من الممكن تحديد آثارها وتحديد العلاقات التي توجد بينها وبين مختلف الظواهر اللغوية؛ فطبيعة الظواهر التي تدرسها هذه الشعبة تسمح باستنباط قوانين دقيقة مضبوطة.
وليس الأمر كذلك في الظواهر اللغوية المتعلقة بالدلالة "موضوع السيمنتك". وذلك أن العوامل التي تؤثر في معاني الكلمات وفي قواعد اللغة وأساليبها؛ فتؤدي إلى اختلافها وتطورها ... وما إلى ذلك"، يرجع أهمها إلى ظواهر اجتماعية وتاريخية وسياسية وثقافية ... وهلم جرّا. وعوامل هذا شأنها ليس من اليسير تحديد آثار كل منها, وتحديد العلاقات التي تربطه بالظواهر اللغوية. -فلا ينبغي أن ننتظر من علم اللغة أن يصل في هذه الناحية إلى قوانين ثابتة صارمة عامة, إلّا بعد زمن طويل ومجهود كبير.