هذا، وفيما عدا العاملين السابقين، توجد عوامل أخرى كثيرة تتيح الفرص للاحتكاك بين اللغات، لكنها أقل شأنًا من هذين العاملين، وأضعف منهما أثرًا؛ إذ ليس منها ما ينجم عنه صراع جدي، أو يؤدي إلى نتائج ذات بال.
ومن أهم هذه العوامل ما يلي:
١- اشتباك شعبين مختلفي اللغة, أو شعوب مختلفة اللغات في حرب طويلة الأمد, وذلك أن طول الاحتكاك بين الشعوب المتحاربة ينقل إلى لغة كل شعب منها آثارًا من لغات الشعوب الأخرى، سواء في ذلك لغات الحلفاء ولغات الأعداء؛ فاحتكاك الألمانية والفرنسية والإنجليزية في الحربين العالميتين الأخيرتين قد نقل إلى كل لغة منها مفردات من اللغتين الأخريين. "وحرب الثلاثين" التي نشبت بين حماة البروتستاتتية وحماة الكاثوليكية، وامتدت من سنة ١٦١٨ إلى سنة ١٦٤٨، أتاحت فرصًا كثيرة للاحتكاك بين الفرنسية والألمانية١، فنقلت إلى كل منهما بعض مفردات من الأخرى, وحروب فرنسا مع إيطاليا, قد نقلت إلى الفرنسية كثيرًا من الكلمات المتعلقة بشئون الحرب والفنون الجميلة, وما إلى ذلك من الأمور التي كانت اللغة الإيطالية أوسع ثروة فيها من اللغة الفرنسية، ونقلت كذلك إلى الإيطالية
١ وذلك على الرغم من أن فرنسا لم تشترك اشتراكًا صريحًا إلّا في المرحلة الأخيرة من هذه الحرب "من سنة ١٦٣٥ إلى سنة ١٦٤٨".