للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عددًا غير يسير من الكلمات الفرنسية, والحروب الصليبية قد نقلت إلى كثير من اللغات الأوروبية، وبخاصة إلى اللغة الفرنسية، كثيرًا من مفردات اللغة العربية، ونقلت كذلك إلى بعض لهجات الأمم العربية بعض كلمات أوروبية.

٢- توثق العلاقات التجارية بين شعبين مختلفي اللغة, وذلك أن منتجات كل شعب تحمل معها أسماءها الأصلية، فلا تلبث أن تنتشر بين أفراد الشعب الآخر وتمتزج بمتن لغته، وكثرة الاحتكاك التجاري بين أفراد الشعبين ينقل إلى لغة كل منهما آثارًا من اللغة الأخرى.

٣- توثق العلاقات الثقافية بين شعبين مختلفي اللغة, فإن ذلك ينقل إلى لغة كل منهما، وبخاصة إلى لغة الكتابة، آثارًا كثيرة من الأخرى, وهذه الآثار لا تقف عند حد المفردات، بل تتجاوزها أحيانًا إلى القواعد والأساليب, والأمثلة على ذلك كثيرة في تاريخ الأمم الحاضرة والغابرة؛ فاللغة العربية في العصر العباسي، وبخاصة لغة الكتابة، قد انتقل إليها عن هذا الطريق كثير من آثار اللغتين الفارسية واليونانية, ولغة الكتابة بمصر في العصر الحاضر، سواء في ذلك لغة العلوم والآداب ولغة الصحافة، قد انتقل إليها عن هذا الطريق كثير من آثار اللغات الأوروبية وبخاصة الإنجليزية والفرنسية.

غير أن علاقة هذه العوامل, وما إليها بتطور اللغة وارتقائها أشد كثيرًا من علاقتها بالصراع بين اللغات؛ فهي تتيح الفرص لاقتباس بعضها من بعض, وتبادلها المفردات والقواعد والأساليب، بدون أن تحدث بينها صراعًا جديًّا، أو تحمل إحداهما على محاولة التغلب على الأخرى.

ولذلك آثرنا إرجاء الكلام على تفصيل هذه العوامل وآثارها إلى الفصل التالي، وخاصة إذ نعالج موضوع اقتباس اللغات بعضها من بعض.

<<  <   >  >>