للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- عوامل التطور الدلالي:

عرضنا في الفصول السابقة لطائفة كبيرة من عوامل التطور في القواعد والأساليب, وأشرنا في شيء من التفصيل إلى مختلف آثارها في كثير من اللغات الإنسانية١, ولكن لم يتح لنا فيما سبق أن نوفي البحث في عوامل النوع الثالث من أنواع التطور الدلالي، وهو التطور في معاني الكلمات، ولذلك سنقصر عليها دراستنا في هذ الفقرة.

لهذا النوع من التطور عوامل كثيرة, من أهمها الطوائف الآتية:

١- عوامل تتعلق باستخدام الكلمات، فمدلول الكلمة يتغير تبعًا للحالات التي يكثر فيها استخدامها.

فكثرة استخدام العام مثلًا في بعض ما يدل عليه يزيل مع تقادم العهد عموم معناه, ويقصر مدلوله على الحالات التي شاع فيها استعماله, ولدينا في اللغة العربية وحدها الآف من أمثلة هذا النوع؛ فمن ذلك جميع المفردات التي كانت عامة المدلول, ثم شاع استعمالها في الإسلام في معانٍ خاصةٍ تتعلق بالعقائد أو الشعائر أو النظم الدينية؛ كالصلاة والحج, والصوم, والمؤمن, والكافر, والمنافق, والركوع, والسجود ... وهلم جرا. فالصلاة مثلًا معناها في الأصل الدعاء٢, ثم شاع استعمالها


١ انظر على الأخص صفحات ٢٥٧-٢٦٧، ٢٧٩-٢٨٤, ٣٠١-٣١٢.
٢ وقد جاء على الأصل قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم} .

<<  <   >  >>