١- البحوث المتعلقة بنشأة اللغة الإنسانية، والأشكال الأولى التي ظهر فيها التعبير، والأدوار التي اجتازها حتى وصل إلى مرحلة الأصوات ذات الدلالات الوضعية، والأسس التي سار عليها الإنسان، والنماذج التي احتذاها في وضع الكلمات وفي تعيين مدلولاتها، ونشأة مراكز اللغة في النوع الإنساني ... وما إلى ذلك من البحوث التي تعالج اللغة في أدوار نشأتها الأولى. ويطلقون على هذا الفرع من البحوث اللغوية اسم "أصل اللغة" أو "نشأة اللغة" "Origine du Langage".
وكل ما يذهب إليه الباحثون بهذا الصدد -كما سيظهر في الفصل الأول من هذا الكتاب- يتألف من آراء ظنية تعتمد في بعض نواحيها على الحدس والتخمين, وفي نواحٍ أخرى على حجج ضعيفة لا يطمئن إلى مثلها التحقيق العلمي, وهكذا شأن جميع البحوث التي تعرض لأصول النظم الإنسانية.
ولذلك يرى كثير من العلماء إخراج هذا الموضوع من نطاق علم اللغة وإلحاقه بالبحوث الفلسفية الميتافيزيقية؛ لأن منهج البحث فيه لا يتفق في شيء مع ما ينبغي أن تكون عليه مناهج البحث في العلوم -وهذا الرأي هو السائد الآن، ولذلك لا يكاد المحدثون من