يتوقف التقليد اللغوي عند الطفل على عوامل كثيرة, من أهمها ما يلي:
١- وضوح الإحساسات السمعية وتمييزها بعضها عن بعض:
يولد الطفل أصم، ويتمد صممه هذا حتى اليوم الرابع أو الخامس، وحينئذ تبدو لديه أمارات السمع, غير أن إحساساته السمعية تظل مبهمة إبهامًا كبيرًا, ويظل عاجزًا عن تحديد مصادرها حتى أواخر الشهر الرابع، ثم ترتقي ارتقاءً بطيئًا حتى أوائل السنة الثانية، ثم تدخل في دور النضج الذي يستغرق أمدًا غير قصير.
فالموازنة بين هذه المراحل والمراحل التي تسير فيها لغة الطفل، والتي سبق الكلام عنها في الفقرة السابقة، يتبين أن ظاهرة التقليد اللغوي تتبع في رقيها ظاهرة الإحساس السمعي.
أما السبب في ذلك فلا يحتاج إلى بيان؛ فالطفل في تقليده يحاكي ما يصل إليه عن طريق السمع, فمن البديهي أن تتوقف هذه المحاكاة على وجود قدرة السمع لديه, وأن تتأثر في ارتقائها بما ينال هذه الحاسة من دقة وتهذيب.
ولذلك نرى أن من يولد أصم ينشأ أبكم, ولو كانت أعضاء نطقه سليمة.