٦- اختلاف اللهجات في البلد الواحد باختلاف طبقات الناس وفئاتهم:
"اللهجات الاجتماعية" Dialectes Sociaux:
تنشعب أحيانًا لغة المحادثة في البلد الواحد أو المنطقة الواحدة إلى لهجات مختلفة تبعًا لاختلاف طبقات الناس وفئاتهم؛ فيكون ثَمَّ مثلًا لهجة للطبقة الأريستوقراطية، وأخرى للجنود، وثالثة للبحارة, ورابعة للرياضيين، وخامسة للبرادين، وسادسة للنجارين ... وهلم جرا. ويطلق المحدثون من علماء اللغة على هذا النوع من اللهجات اسم "اللهجات الاجتماعية" Dialectes Sociaux تمييزًا لها عن "اللهجات المحلية" Dialectes Sociaux, التي كانت موضع حديثنا في الفقرة الثالثة من هذا الفصل١.
ويؤدي إلى نشأة هذه اللهجات ما يوجد بين طبقات الناس وفئاتهم من فروق في الثقافة والتربية، ومناحي التفكير والوجدان، ومستوى المعيشة، وحياة الأسرة، والبيئة الاجتماعية، والتقاليد والعادات، وما تزاوله كل طبقة من أعمال وتضطلع به من وظائف، والآثار العميقة التي تتركها كل وظيفة ومهنة في عقلية المشتغلين بها، وحاجة أفراد كل طبقة إلى دقة التعبير وسرعته وإنشاء مصطلحات خاصة بصدد الأمور التي يكثر ورودها في حياتهم, وتستأثر بقسط كبير من انتباههم، وما يلجئون إليه من استخدام مفردات في غير ما وضعت له, أو قصرها على بعض مدلولاتها؛ للتعبير عن أمور تتصل بصناعاتهم وأعمالهم. وهلم جرَّا. فمن الواضح أن هذه الفوارق وما إليها من شأنها أن توجه اللهجة
١ يرجع الفضل في هاتين التسميتين إلى العلامة بول باسي Paul Passy.