للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باسمه العلم, فيقول مثلًا: "فيفي مم" أي: فيفي تريد أن تأكل١"، ولا تظهر الحروف وما يشبهها من الظروف وأسماء الشرط إلّا في منتصف هذه المرحلة أو أواخرها٢, ولذلك تظهر جمل الطفل في المبدأ عارية عن الروابط والحروف -كما سبقت الإشارة إلى ذلك٣.

والسبب في هذا راجع إلى أن الطفل يسير في ارتقائه اللغوي وفقًا لارتقاء فهمه، فدرجة نموه الفكري في مبدأ هذه المرحلة لا تتيح له أكثر من فهم الكلمات الدالة على أمور حسية يمكن أن يشار إليها، ولذلك اقتصر متن لغته في هذا الدور على أسماء الذوات, فإذا نما تفكيره أمكنه أن يدرك مدلولات الكلمات المعبرة عن أمور معنوية، وحينئذ تظهر في لغته الأفعال الدالة على الحدث والزمان, والصفات الدالة على معنًى كلي تتلبس به الذوات بشكل عارض, وما إليهما, ولما كانت الحروف والروابط أدق أنواع الكلمات مدلولًا، لم يتح له فهمها إلّا في أواسط هذه المرحلة أو أواخرها, فتأخر ظهورها تبعًا لذلك.


١ غير أني لاحظت على ابنتي عفاف أن ضمير المتكلم المنفصل "أنا" قد ظهر في لغتها يوم ١٩/ ١/ ٣٦, أي: قبيل ظهور الصفات والأفعال, ولاحظت كذلك أنها تستخدمه استخدامًا صحيحًا, فلا تعامله معاملة الأعلام كما يفعل بعض الأطفال في هذه المرحلة, بل تستعمله حينما تريد الإشارة إلى نفسها.
٢ لم تظهر الحروف وما إليها في صورة واضحة عند ابنتي عفاف إلّا في أوائل الشهر الرابع من سنتها الثالثة, ففي ١١/ ٥/ ٣٦ ظهرت "إنا" بكسر الهمزة بمعنى هنا "ماما أوه أنا= ماما تشكو ألما هنا, مشيرة إلى رقبتها". وفي ١١/ ٧/ ٣٦ ظهر في لغتها "بنيد" بمعنى بعيد, و"إيه ده" أي: ما هذا, و"يا، النداء", "أيه ده يا بابا= ما هذا يا بابا".
أما قبل هذا العهد فما كان يوجد في لغتها من هذه الفصيلة إلّا كلمتان ظهرتا مبكرتين قبل أوانهما؛ أحداهما "نأ" بنون مفتوحو فهمزة ساكنة، بمعنى لا "أداة النفي, وقد ظهرت في الشهر التاسع من سنتها الثانية، وثانيتهما "نام" بنون مفتوحو فهمزة مفتوحة فميم, بمعنى نعم -أداة الإيجاب, وقد ظهرت يوم ٢٠/ ١٢/ ٣٥ ومن غريب ما لاحظته على ابنتي عفاف بهذا الصدد أن واو العطف مع كثرة تكرارها في الكلام, ومع فهمها لمدلولها قد تأخر ظهورها كثيرًا في لغتها، فقد طلب إليها يوم ٢٦/ ٧/ ٣٦ أن تقول للخادمة: "أنت كخ وعبيطة" فقالت لها: "أنت كخ أنت أبيطة" فكررت الضمير بدلًا من واو العطف، ومن الواضح أن تكرارها للضمير دليل على فهمها لمدلول واو العطف.
٣ انظر صفحة ١٤٦ رقم ٥.

<<  <   >  >>