للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد شرحنا في الباب الأول هذه النظرية وناقشناها، فظهر لنا فسادها من عدة وجوه، وتبين أن الأساليب الثلاثة التي تقسّم على أساسها اللغات الإنسانية إلى فصائل: "العزل واللصق والتصرف"، توجد مجتمعة في كل لغة إنسانية، فلا نكاد نعثر على لغة عارية عن أسلوب منها١.

وبعضهم قطع النظر عن موضوع التطور والارتقاء، وقسّم اللغات الإنسانية إلى فصائل يجمع أفراد كل فصيلة منها صلات قرابة لغوية؛ فتتفق في أصول الكلمات, وقواعد البنية, وتركيب الجمل ... وما إلى ذلك, ويتكون من الأمم الناطقة بها مجموعة إنسانية متميزة، ترجع إلى أصول شعبية واحدة أو متقاربة, وتؤلف بينها طائفة من الروابط الجغرافية والتاريخية والاجتماعية.

وأشهر نظرية قسمت اللغات على هذه الأسس هي نظرية مكس مولر Max Muler, التي ترجع جميع اللغات الإنسانية إلى ثلاث فصائل: الفصيلة الهندية-الأوربية، والفصيلة السامية-الحامية، والفصيلة الطورانية٢ وسنتكلم على كل فصيلة منها على حدة فيما يلي:


١ انظر صفحات ١١٥-١١٨.
٢ فطن كثير من العلماء قبل مكس مولر إلى صلات القرابة التي تربط اللغات الهندية والآرية والأوربية بعضها ببعض, وإلى الصفات التي يشترك فيها أفراد الفصيلة الحامية-السامية. كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في فقرة "تاريخ البحوث اللغوية"، وكما أشرنا إليه في كتابنا "فقه اللغة". انظر صفحتي ٧، ٨ الطبعة السابعة. ولكن يرجع الفضل إلى مكس مولر في تكملة هذه البحوث ونشرها، وفي دراسة الفصيلة الهندية الأوروبية على الأخص دراسة عميقة مستوعبة، وفي إضافة فصيلة ثالثة إلى الفصيلتين السابقتين، وهي فصيلة اللغات الطورانية, وقد اتفق معه في جعل هذه اللغات فصيلة ثالثة العلامة الألمان بونسن Bunesn في كتابه "Outlines of the Philosophy of Universal history, الذي ظهر في نفس العصر الذي ظهر فيه بحث مكس مولر بهذا الصدد Classification of the Turanian Laguages Lerrer on the. ولهذا نسب إلى مكس مولر تقسيم اللغات إلى هذه الفصائل الثلاث.

<<  <   >  >>