للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والوظائف التي تؤديها، والمراحل التي تجتازها في نموها، والعلاقات التي تربطها بعضها ببعض, والتي تربطها بغيرها، والقوانين الخاضعة لها في مختلف نواحيها ... كان جديرًا باسم "العلم", وإن كان الغرض منه بيان الوسائل التي ينبغي الالتجاء إليها للتأثير في هذه القوى وتربيتها وتهذيبها.. صدق عليه أنه "فن", ومن ثَمَّ كانت بحوث "السيكولوجيا" -علم النفس- من طوائف العلوم، وكانت "البيداجوجيا العامة" -التربية العامة- شعبة من شعب الفنون.

ومن هذا يتبين أن أهم فارق بين العلوم والفنون, أن الأولى نظرية وصفية تحليلية ترمي إلى شرح ما هو كائن، على حين أن الأخرى عملية تطبيقية يهمها بيان ما ينبغي أن يكون١.

هذا وتنقسم الفنون قسمين رئيسيين:

١- فنون يقينة "Arts rationnels"، وهي ما كانت بحوثها الفنية مؤسسة على بحوث علمية ومستمدة منها، وذلك كفن الطب الحديث, فإنه مؤسس على علم "الفيزيولوجيا"، وكفنون التربية الحديثة، فإن الخطط التي ترسمها للتأثير في جسم الطفل وعقله وخلقه مؤسسة على بحوث علم النفس وعلم وظائف الأعضاء وما إليهما.

٢- فنون غير يقينية "Arts irrationnels"، وهي ما كانت بحوثها


١ وبحانب هاتين الطائفتين توجد طائفة ثالثة من البحوث, ترمي إلى تكوين مثل عليا, وبيان قيم الأشياء, وما يجب أن تكون عليه حتى تتفق مع هذه المثل, وتسمى هذه الطائفة بالبحوث المعيارية أو التقويمية, وهي ليست من البحوث العلمية في شيء.
ولا صحة لما ذهب إليه فونت "vundt" من أن العلوم تنقسم قسمين: وصفية موضوعها: الوصف والتحليل، ومعيارية "Normatives" موضوعها: بيان ما يجب عمله؛ لأن في تقسيمه هذا خلط بين العلوم والبحوث المعيارية؛ ولأن البحوث التي سماها علومًا معيارية تختلف اختلافًا جوهريًّا عن العلوم. هذا وقد كفانا العلامة "ليفي برول "Levy Bruhl" مئونة الإطالة في الرد على هذه النظرية بما كتبه عنها في مؤلفة الجليل "الأخلاق وعلم الاجتماع الخلقي" "La Morale et La Science des Moeurs".
وبحانب هذه الطوائف الثلاث من البحوث, توجد طائفة رابعة هي البحوث التاريخية الخالصة, التي ترمي إلى مجرد وصف الأشياء والحوادث على ما هي عليه, أو على ما كانت عليه.

<<  <   >  >>