كلمة واحدة على كل من العم والخال oncle, uncle والعمة والخالة tante, aunt ابن العم أو العمة وابن الخال أوالخالة cousin, ابنة العم أو العمة, وابنة الخال أو الخالة cousine، على حين أن الأمم التي تفرق نظمها الاجتماعية بين هاتين الأسرتين في درجة قرابتهما للفرد تختلف في لغتها الكلمات الدالة على أفراد أسرة الأب عن الكلمات الدالة على أفراد أسرة الأم: العم، الخال، العمة، الخالة، ابن العم، ابن العمة، ابن الخال، ابن الخالة، بنت العم، بنت العمة، بنت الخال, بنت الخالة١, وإليك مثلًا آخر وهو مبلغ اتجاه الأمة إلى مبادئ المساواة أو انحرافها نحو نظام الطبقات, فإن ما تسير عليه نظمها الاجتماعية بهذا الصدد يؤثر في مختلف نواحي لغتها حتى في ناحية القواعد؛ فمخاطبة المفرد بضمير الجمع تعظيمًا له:"أرجو أن تتفضلوا.." وإجراء الخطاب في صيغة الأخبار عن الغائب "يتفضل سيدي ... "، كل ذلك وما إليه من أساليب التبجيل لا يبدو في اللغة إلّا حيث ينحرف الناس عن مبادئ المساواة, وتكثر الفوارق بين الطبقات, ولذلك يعد تطور هذه الضمائر في أمة ما أصدق سجل لتطور اتجاهاتها في هذه الشئون؛ فالصراع في اللغة الفرنسية بين "tu" "أنت", و"Vous" "أنتم" في مخاطبة المفرد، يمثل أصدق تمثيل مراحل الصراع بين روح المساوة ونظام الطبقات في الشعب الفرنسي؛ فقد كانت الغلبة للضمير الأول في العصور التي سادت فيها مبادئ المساواة, وللضمير الثاني في العصور التي وهنت فيها هذه المبادئ, ومثل هذا يقال في اللغة العربية؛ فقد كان العرب في جاهليتهم أكثر الشعوب ميلًا إلى المساواة بين الأفراد, ولذلك ساد في خطابهم ضمير المفرد، ولم تبد في لغتهم مظاهر المبالغة في التبجيل, ولكنهم لم يلبثوا بعد اتساع ملكهم، احتكاكهم بالأمم الأخرى، وانغماسهم في الترف, ومحاكاتهم لأبهة الفرس وأساليبهم في الحياة، واتجاه خاصتهم وأغنيائهم إلى الترفع عن الدهماء وطبقات المستضعفين، لم يلبثوا بعد هذا أن انحرفوا عن
١ انظر كتابنا "الأسرة والمجتمع" الطبعة السادسة صفحة ٢٨.