للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وترجع الصور الخطية التي تستخدم في هذا الأسلوب إلى نوعين؛ فأحيانًا تكون صورًا حقيقية للأشياء التي يراد التعبير عنها, أو لأجزاء من هذه الأشياء، كما يشير الرسم الهيروغليفي إلى الشمس بدائرة في وسطها نقطة، وإلى القمر بقوس في وسطه نتوء، وإلى الزنبق بثلاث فروع من شجرته, في طرف كلٍّ منها ثلاث زنبقات، وإلى الصقر بصورته واقفًا وهلم جرا. وأحيانًا تكون مجرد رموز مصطلح عليها للتعبر عن الأشياء والمعاني Symbolisme، كما يشير الرسم الهيروغليفي إلى الشهر بصورة هلال في وسطه نجم، وإلى اليوم بدائرة في وسطها نقطة، وكما يشير الرسم الصيني لمعنى "الإنسانية" بخطين يتكون منهما شكل رقم٨.

ولهذا الأسلوب من الرسم عيوب كثيرة؛ فهو أسلوب بطيء يقتضي الكاتب إسرافًا كبيرًا في الوقت والمجهود. ولكثرة صوره ورموزه تبعًا لكثرة المعاني والأشياء، يقتضي تعلمه وتعليمه جهودًا شاقة وزمنًا طويلًا, ولذلك يقضي كثير من الصينيين زهرة شبابهم في المدارس بدون أن يتموا تعلم الرسم الصيني, وهو لا يقوى على تأدية وظيفته إلّا في صورة ناقصة مبتورة؛ إذ من المستحيل، مهما كثرت صوره وتعددت رموزه أن ينتظم جميع ما يخطر بالذهن الإنساني من معانٍ وأفكارٍ, وجميع ما ينطق به اللسان من ألفاظ وعبارات, هذا إلى أنه


= الرسم أربع مراحل؛ فقد كان في المبدأ تصويرًا للأشياء, فيعبر عن الشمس مثلًا بدائرة في وسطها نقطة، وعن القمر بقوس في وسطه نتوء ... وهلم جرا، ثم دخل فيه بعد ذلك طريقة الرموز البسيطة والمركبة، فيعبر مثلًا عن اليوم بصورة الشمس "دائرة في وسطها نقطة", وعن الشهر بصورة نجم تعلوها صورة هلال مستعرضة "قوس في وسطه نتوء", وفي المرحلة الثالثة دخلت فيه الطريقة الصوتية المقطعية، فاستخدمت مثلًا الصورة التي كان يعبر بها قديمًا عن الفم, وهي صورة الشفتين، للتعبير عن مقطع "را", وفي المرحلة الأخيرة دخلت فيه الطريقة الهجائية؛ فاستخدمت مثلًا الصورة السابقة لا للتعبير عن مقطع "را" بل للتعبير عن صوت الراء الساكنة غير المتبوعة بحركة, كما هو شأن الراء في الحروف الهجائية العربية, والمظهران الأولان فقط "الصوري والرمزي" هما اللذان يعدان من النوع الذي نحن بصدد الكلام عنه، أما المظهران الأخيران المقطعي والهجائي" فمن النوع الثاني الذي سنتكلم عنه, وهو الرسم الصوتي.

<<  <   >  >>