بقاؤها بمعزل عن غيرها، ولغات المحادثة التي يتاح لها هذا الاحتكاك، فلا تخلو من الترادف بالمعنى الصحيح، للسبب الذي ذكرناه.
٢- إحياء الأدباء والعلماء لبعض المفردات القديمة المهجورة, فكثيرًا ما يلجئون إلى ذلك للتعبير عن معانٍ لا يجدون في المفردات المستعملة ما يعبر عنها تعبيرًا دقيقًا، أو لمجرد الرغبة في استخدام كلمات غريبة، أو في الترفع عن المفردات التي لاكتها الألسنة كثيرًا, وبكثرة الاستعمال، تبعث هذه المفردات خلقًا جديدًا، ويزول ما فيها من غرابة، وتندمج في المتداول المألوف, ولا يخفى ما لذلك من أثر في نهضة لغة الكتابة واتساع متنها وزيادة قدرتها على التعبير, وقد سار على هذه الوتيرة بمصر في العصر الحاضر كثير من الأدباء والعلماء والصحفيين، فردوا بذلك إلى اللغة العربية جزءًا كبير من ثروتها المفقودة، وكشفوا عن عدة نواحٍ من كنوزها المدفونة في أجداث المعجمات.
٣- خلق الأدباء والعلماء لألفاظٍ جديدة, فكثيرا ما يلجئون إلى ذلك للتعبير عن أمور مستحدثة في الحياة الاجتماعية أو الفكرية, لا يجدون في مفردات اللغة المستعملة ولا في مفرداتها الداثرة ما يعبر عنها تعبيرًا دقيقًا, وقد لا يضطرهم إلى ذلك إلّا مجرد الرغبة في الابتداع, أو مجانبة الألفاظ المتداولة المألوفة، أو إبراز المعنى في صورة رائعة, وتثبتيه في الأذهان، وتذليل سبل انتشاره بالإغراب في تسميته, وقد عَمَّ استخدام هذه الطريقة في الأمم الأوروبية منذ القرن التاسع عشر، وكثر التجاء الأدباء والعلماء إليها بنوع خاص في تسمية المستحدث من المخترعات الصناعية والمصطلحات العلمية والأحزاب والمبادئ السياسية والاجتماعية، وفي التعبير عن بعض معانٍ دقيقة في عالم الأدب والفلسفة، فناءت مؤلفاتهم بهذه الكلمات المصنوعة، وتألف منها معظم المصطلحات في الفلسفة وعلم النفس والعلوم الطبيعية والطب والصيدلة وما إلى ذلك، وقد صبغ معظم هذه المصطلحات بصبغة دولية، فأقرته