للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتنقسم الأخطاء اللغوية الناجمة عن هذا السبب قسمين:

١- أخطاء خاصة مقصورة على بعض الأفراد؛ كالأخطاء الناجمة عن ضعف السمع أو اختلال أجهزته, وما إلى ذلك, وليس لمثل هذه الأمور شأن كبير في تطور اللغة؛ لأن آثارها مقصورة على أصحابها, تبقى معهم وحدهم في حياتهم وتموت بموتهم.

٢- أخطاء عامة يشترك فيها جميع أفراد الطبقة الواحدة, وتمتاز بها لغتهم عن لغة الطبقة السابقة لهم, وذلك كالأخطاء السمعية الناشئة عن ضعف بعض الأصوات, فقد يحيط بالصوت بعض مؤثرات تعمل على ضعفه بالتدريج، فيتضاءل جرسه شيئًا فشيئًا حتى يصل في عصرٍ ما إلى درجة لا يكاد يتبينه فيها السمع, فحينئذ يكون عرضة للسقوط, وذلك أن معظم الصغار في هذا العصر لا يكادون يتبينونه في نطق الكبار، فينطقون بالكلمات مجردة منه, ولا يفطن الآباء لسقوطه في لغة أولادهم للسبب نفسه الذي من أجله لم يفطن الأولاد لوجوده في لغة آبائهم.

ولا يخفى ما لهذا القسم من الأخطاء من أثر بليغ في تطور اللغة من ناحيتها الصوتية, فإليه يرجع السبب في سقوط كثير من الأصوات في مختلف اللغات الإنسانية, وخاصة في اللغات الهندية - الأوروبية. وقد ظهر أثر هذا العامل أوضح ما يكون في الأصوات الواقعة في أواخر الكلمات؛ كعلامات الإعراب في اللغة العربية.

ويرجع أكبر قسط من الفضل في توضيح هذا العامل وبيان آثاره إلى العلامتين روسلو ومييه Rousselot Meillet, ولذلك تنسب إليهما نظريته١.


١ انظر في ذلك: Dauzat, Des Patois, p. ll٨; Meillet, Linguistique
generales, p. ٧٩; Delacroix, Le Langage et la Pensee, p. ١٨٠ et stiv
وانظر في التعريف بروسلو ومييه صفحات ٤٥، ٦١، ٦٧ والتعليق الثالث بصفحة ٦٧.

<<  <   >  >>