للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكلمات، سواء أكانت أصوات لين أم أصواتًا ساكنة "ونعني بالساكنة ما عدا أصوات اللين".

أ- أما أصوات اللين فقد لوحظ أن وقوعها في آخر الكلمة يجعلها في الغالب عرضة للسقوط، ويؤدي أحيانًا إلى تحولها إلى أصوات أخرى.

فمن ذلك ما حدث في اللغة العربية بصدد أصوات اللين القصيرة "المسماة بالحركات, وهي الفتحة والكسرة والضمة" التي تلحق أواخر الكلمات؛ ففي جميع اللهجات العامية المنشعبة عن العربية "عاميات مصر والسودان، والعراق والشام ولبنان وفلسطين والحجاز واليمن والمغرب ... إلخ" قد انقرضت هذه الأصوات جميعها، سواء في ذلك ما كان منها علامة إعراب, وما كان منها حركة بناء, فينطق الآن في هذه اللهجات بجميع الكلمات مسكنة الأواخر؛ فيقال مثلًا: رجعْ عمرْ للمدرسةْ بعدْ ما خفْ من عياه" بدلًا من "رجعَ عمرُ إلى المدرسةِ بعدَ ما خفَّ من إعيائه", ولعل هذا هو أكبر انقلاب حدث في اللغة العربية، فقد أتى جميع الكلمات فانتقصها من أطرافها، وجردها من العلامات الدالة على وظائفها في الجملة، وقلب قواعدها القديمة رأسًا على عقب١.

ومن هذا القبيل كذلك ما حدث في اللغة العربية بصدد أصوات اللين الطويلة "الألف والياء والواو" الواقعة في آخر الكلمات؛ فقد تضاءلت هذه الأصوات في عامية المصريين وغيرهم, حتى كادت تنقرض تمام الانقراض، سواء في ذلك ما كان منها داخلًا في بنية الكلمة. "رمى، يرمي ... إلخ" وما كان خارجًا عنها "ضربوا، ناموا ... إلخ", فيقال مثلًا في عامية المصريين. "سامِ وعيسَ ومصطفَ أبُ حسين سافرُ


١ يرجع السبب كذلك في هذه الظاهرة إلى العامل الذي أشرنا إليه في الفقرة الرابعة من هذا الفصل, وهو الأخطاء السمعية التي تنشأ عن ضعف بعض الأصوات "وانظر ص٢٩٧".

<<  <   >  >>